ألغى مجلس شيوخ الأوروغواي «قانون العفو» أو «قانون مرور الزمن» الذي كان يشمل الجرائم التي ارتكبت خلال الديكتاتورية العسكرية بين عامي 1973 و1985، ملتحقاً بمعسكر الأرجنتين والتشيلي الرائدتين في محاكمة خروق حقوق الإنسان التي حصلت خلال حقبة الديكتاتوريات العسكرية في القارة اللاتينية.خلال ربع قرن، حال هذا القانون دون محاكمة المسؤولين عن جرائم الخطف والتعذيب والقتل.
وللوصول إلى هذه النتيجة التي كانت أكثرية الشعب قد سبق أن رفضتها مرتين في عامي 1989 و2009 بواسطة استفتاءات شعبية، كانت الجبهة العريضة اليسارية ـ الائتلاف الحاكم الذي يحقق الأكثرية للرئيس خوسي «بيبي» موخيكا ـ إلى جانب منظمات حقوق الإنسان من المبادرين إلى محاولة إلغاء هذا القانون.
وفي كل مرة أتى الجواب سلبياً. لكن في المرة الأخيرة التي كانت خلال الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، وعلى أثر التصويت الشعبي، أعلن موخيكا، المرشح آنذاك، أنه «سيلتزم بما قررته الإرادة الشعبية».
وبسبب استحالة اللجوء مجدداً إلى الاستفتاء الشعبي، سلك الالتفاف على القرار الشعبي طريق تفسير القانون. وأتت الفرصة من قرار من المجلس الدستوري رأى أن القانون مخالف لعدد من المعاهدات الدولية التي وقّعتها الأوروغواي، والتي أدت إلى التنديد بها أمام المحاكم المرجعية بعد أن رفع أهالي الضحايا قضيتهم أمامها.
لذلك، بدلاً من إلغاء القانون جرى اللجوء إلى تفسيره وإسقاط المواد المتناقضة مع المعاهدات الدولية في المجلسين، لجعلها من دون مفعول.
وبدأت الأكثرية سلوك هذا المنحى في نهاية السنة الفائتة، وصوّت مجلس النواب على مشروع التفسير الذي انتقل إلى مجلس الشيوخ، حيث كانت العقبة الأساسية، إذ كانت الأكثرية تقتصر على صوتين، فيما كان ثلاثة شيوخ من صفوفها يريدون التصويت ضد مشروع التفسير، معتبرين أن «الشرعية الشعبية أعلى من الشرعية البرنامجية أو حتى من التفسير القانوني».
هذا الحل التوافقي أتى من اعتماد الانضباط الحزبي في موضوع كان يعدّ تقليدياً «مادة ضميرية».
ويتفق الجميع على أن الحل لم يكن الأفضل، ولكنه كان الوحيد الباقي بعد فشل الاستفتاء للتطبيع مع المحاكم الدولية.
وفي التصويت أمام مجلس الشيوخ، أول من أمس، انسحب أحد الشيوخ المعارضين للسماح لبديله بالتصويت لمصلحة المشروع، وصوّت آخر وفقاً للقرار الحزبي قبل أن يقدم استقالته. أما الثالث، فأصرّ على موقفه وصوّت ضد المشروع، وقد يُطرد الآن من الكتلة الأكثرية. وأتت النتيجة محشورة لمصلحة المشروع الذي حصل على 16 صوتاً مقابل 15 صوتاً لحزبي المعارضة والشيخ المخالف. الفصل الأخير شبه محسوم الآن، وسيجري في 5 أيار عندما يعود «مشروع التفسير» إلى مجلس النواب لإقراره نهائياً.