أخفقت الولايات المتحدة، خلال محادثات اسطنبول التي انتهت أمس، في استدراج إيران إلى حوار ثنائي حول رزمة من الملفات، بينها الملف اللبناني، كذلك أخفقت مجموعة 5 + 1 في إلهاء طهران عن مطالبها الرئيسية القاضية بالاعتراف بحقها في التخصيب وبحوار «لا يتم تحت حد السيف»، فكانت النتيجة مغادرة المفاوض الإيراني تركيا، معززاً بإنجازات «جنيف 3».مصادر وثيقة الصلة بأروقة صناعة القرار في طهران قالت إن دول 5 + 1 «أرادت في اسطنبول القفز عن البرنامج النووي الإيراني وعن المحادثات المتعددة الأطراف وأن تتحول المناسبة إلى محطة لحوار ثنائي إيراني ـــ أميركي». وأضافت إن «كل هدف الغرب من وراء اجتماع اسطنبول كان، على ما اتضح، استخدام المضيف التركي للدفع بمحادثات ثنائية أميركية ـــ إيرانية على غرار المحادثات غير المباشرة السورية الإسرائيلية، رغم الفارق بين الحالين».
وأوضحت المصادر نفسها أن مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، «ألحّت كثيراً على لقاء مباشر يجمع (أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد) جليلي مع (مساعد وزيرة الخارجية الأميركية وليام) بيرنز من أجل بحث مجموعة من الملفات، يتقدمها الملف اللبناني»، مشددة على أن «جواب جليلي كان واضحاً وحاسماً: من لديه أي شيء ليطرحه فليفعل ذلك في الاجتماع المتفق عليه، إيران لن تعقد أي صفقة لحساب أي قضية من ذوات الاهتمام المشترك».
أما بالنسبة إلى طرح الملف اللبناني، فكان جواب جليلي، بحسب المصادر نفسها، «لن أبحث هذا الملف معكم. هذا الملف يبحث في إطار آخر، لا تربطوه بالملف النووي. هذا موضوع يتعلق بالمنطقة، اذهبوا ودبّروا أموركم هناك وحدكم»، فكانت «خيبة أمل أشتون كبيرة، وهو ما يفسر تصريحاتها المتشائمة في اسطنبول». وتتابع المصادر نفسها، في إشارتها إلى الأميركيين، «جاؤوا يحملون هزائمهم في العراق ولبنان وفلسطين ويريدون أن يتدلّلوا علينا».
وتقول هذه المصادر «عملياً، فشلت أشتون في ليّ ذراع المفاوض الإيراني الذي خرج من اسطنبول معززاً بإنجازات جنيف 3، وهي انتزاع إقرار من الغرب بأن الحوار إنما هو من أجل التعاون، وأن الحوار يتم وفقاً للورقة الإيرانية التي رفضت حصر المحادثات بالملف النووي الإيراني، وقد وسّعته ليشمل قضايا كثيرة، يتقدمها أمن الطاقة والترتيبات الأمنية في المنطقة والقضايا المشتركة، على قاعدة أن لديكم مشاكل وأموراً مثيرة للقلق، ولدينا مشاكل وأموراً مثيرة للقلق يجب أن نبحثها كلها». وتضيف «لقد تجاوزت إيران ملفها النووي الذي لم تعد تريد بحثه إلا من باب تبادل اليورانيوم إذا طرأ جديد في العرض الغربي على هذا الملف بما يرضي إيران».
وكان جليلي قد بعث في السادس من تموز 2010 رسالة إلى أشتون حملت ثلاثة أسئلة، رأت إيران أن مصير أي محادثات مقبلة سيتحدد وفقاً للأجوبة عنها.
السؤال الأول كان: هل تريدون الحوار من أجل التعاون أم من أجل التصادم؟ «حصل جليلي على الجواب في المحادثات الأخيرة في جنيف وكان أن الحوار من أجل التعاون»، على ما تفيد المصادر نفسها.
السؤال الثاني تناول مدى التزام الغرب بالحوار بلا ضغوط. «كادت إيران أن تحقق اختراقاً على هذا الصعيد في اسطنبول، بفعل رفض الصين وروسيا لأي عقوبات جديدة، بل مطالبتهما بإعادة النظر بالعقوبات المفروضة أصلاً»، على ما توضح المصادر التي تضيف إن «الدول الغربية حاولت في اسطنبول الالتفاف على هذا الأمر عبر عرض مفاوضات ثنائية أميركية إيرانية تضع رفع العقوبات، في مقابل وقف التخصيب بنسبة 20 في المئة». وتضيف «بل أكثر من ذلك، سعت الدول الغربية إلى إلهاء الإيرانيين عن مطلب الحوار بلا ضغوط بمحاولة طرح تبادل اليورانيوم وفق إطار فيينا الذي يضع واشنطن وباريس وموسكو في مقابل إيران وبضمانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبضوء أخضر أميركي»، في إشارة إلى عرض نقل اليورانيوم الإيراني الخفيف التخضيب إلى روسيا لرفع تخصيبه إلى نسبة 20 في المئة، على أن ينقل بعد ذلك إلى فرنسا لتحويله إلى وقود نووي قبل إعادته إلى طهران لتشغيل المفاعل الطبي هناك.
وتضيف المصادر «تجاهل الإيرانيون في اسطنبول هذا العرض، لأنهم أولاً بدأوا تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة وتجاوز مخزونهم من هذه المادة 40 كيلوغراماً، كما امتلكوا تقنية تحويلها إلى وقود مخصّب وأجروا اختبارات على ذلك، وبالتالي هم غير مستعجلين. تجاهلوا ولكن من دون أن يقفلوا الباب».
أما السؤال الثالث فكان حول موقف الغرب من الترسانة النووية الإسرائيلية على قاعدة أنه «لا يمكنكم ادّعاء الرغبة في شرق أوسط خال من أسلحة نووية من دون مناقشة الترسانة النووية الإسرائيلية. حتى اليوم، ليس هناك جواب عن هذا السؤال».
وكانت أشتون قد أعلنت في وقت سابق أمس أن «أملنا قد خاب في خوض محادثات حول تقدم ملموس، وبذلنا قصارى جهدنا ليصبح ذلك ممكناً. أقول بخيبة إن هذا لم يكن ممكنا». وأضافت، عقب المحادثات التي استمرت يومين في اسطنبول، إنه لم يتقرر «أي محادثات جديدة» بشأن البرنامج النووي «أعتقد أن علينا جميعاً أن نأخذ استراحة».
وكشفت أشتون عن أن الدول الست اقترحت «نسخة منقّحة لاتفاق تبادل الوقود النووي، وكذلك سبلاً لتحسين الشفافية عبر إجراءات مراقبة للوكالة الدولية للطاقة الذرية مقبولة من المجتمع الدولي. كنا نرغب في مناقشة بنّاءة ومفصّلة» لهذه الاقتراحات، «لكن اتضح جلياً أن الجانب الإيراني لم يكن مستعداً لذلك، إلا في حال قبول شروط مسبقة تتعلق بالتخصيب والعقوبات».
في المقابل، أكد جليلي «حق إيران»، وفقاً لاتفاقية عدم الانتشار النووي بـ«دورة الوقود، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم».



تثبيت صالحي خلال أيام

أعلن نائب الرئيس الإيراني للشؤون البرلمانية، محمد مير تاج الدين، أن الرئيس محمود أحمدي نجاد سيقترح على مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) تثبيت علي أكبر صالحي في منصب وزير الخارجية، هذا الأسبوع. وأكد مصدر في البرلمان أن الرئيس بعث برسالة بهذا المعنى الى مجلس الشورى الإسلامي، وأن المجلس سيبحث الاقتراح الأسبوع المقبل.
ويتولى صالحي منصب وزير الخارجية بالوكالة منذ 40 يوماً بعدما أقال نجاد وزير الخارجية السابق منوشهر متكي، من منصبه أثناء زيارة الأخير إلى السنغال.
من جهة أخرى، منعت السلطات الإيرانية رئيس بلدية طهران، محمد باقر قليباف، من السفر إلى الولايات المتحدة لحضور احتفال تكريم لمدينته لتقدّمها في مجال المواصلات العامة.
وثار خلاف بين قليباف ونجاد، وكلاهما ينتمي إلى التيار المحافظ، بشأن تمويل شبكة قطارات أنفاق طهران الواسعة.
ودعت منظمة غير حكومية تدعى مؤسسة النقل وسياسات التنمية، قليباف، إلى واشنطن لحضور احتفال في 24 كانون الثاني، رشحت فيه طهران وأربع مدن أخرى للحصول على جائزة «النقل المستدام لعام 2011».
(ا ف ب، رويترز)