خاص بالموقع - قبل سنة ونصف، عرف العالم بوجود هندوراس على شكل كارثة الانقلاب، ثم عاد إلى النسيان. اليوم، تعود الأصوات نفسها لتسمع ضجيجها ولتخرج هندوراس مجدداً من التهميش، لكن صداها يبدو هذه المرة كأنه مهزلة.أيّد رئيس هندوراس، بيبي بورفيريو لوبو، التعديل الدستوري الذي سهّل شروط عقد استفتاءات حول شتى المواضيع، بما فيها الشؤون الدستورية ومن ضمنها «المواد الأبدية» – وهي ميّزة هندورية – غير قابلة للتعديل. سنة ونصف بعد وقوع الانقلاب الذي أطاح مانويل زيلايا لأسباب مشابهة، كان ينوي استشارة الشعب في صوابية دعوة مجلس تأسيسي لتعديل الدستور، وسنة بعد انتخاب خلفه لوبو ووقوع زيلايا، تعود وتطل الإشكالية نفسها على الساحة الهندورية حول ضرورة توسيع أطر هذه الديموقراطية التي وضعت فيها الطبقة السياسية حدوداً لما هو ممكن مسّه وما هو محرّم.
بعد إقرار الإصلاح الدستوري الذي بسط شروط الدعوة إلى الاستفتاء، سيعود القرار ثانية إلى المجلس لتحديد شروط تنفيذ هذا الحق الجديد. وفي كل الأحوال، توليف أسئلة الاستفتاء سيبقى خاضعاً لرقابة مجلس النواب الذي يبقى الحارس الأول والأخير لهذه الديموقراطية ولحدودها. إلا أن ما أقرّ هذا الأسبوع، بموافقة 103 أصوات مقابل 25 هو شمولية المواضيع القابلة للإفتاء باسم أولوية رأي الشعب. ورحّب الرئيس لوبو بهذا المبدأ متحدثاً عن «سقوط السلاسل التي كانت تخرس الشعب» ومرحباً «بإعادة الانتخاب إذا أرادها الشعب وحتى بالاستفتاء الإقصائي». المشكلة أن إعادة الانتخاب هي من هذه «المواد الأبدية» المحرمة ومن يروّج لها فهو قابل للاتهام بالخيانة الوطنية. أما الاستفتاء الإقصائي، وله جانب تشافيزي لا يتناسب مع مزاج الطبقة السياسية الهندورية، فكان المجلس قد أسقطه قبل يومين من مشروع الإصلاح الدستوري. لأقل من ذلك، أقيل زيلايا الذي ما زال ينتظر في المهجر إذا كان القضاء سيقاضيه أو سيعفو عنه.
في جو موتور لا يوجد توافق بين النواب إذا كان ما أقرّوه يتناقض أو لا مع الدستور، سئل الرئيس لوبو عن الفارق بينه وبين زيلايا، فأجاب: «صديقي زيلايا كان يريد أن يبقى في السلطة، أنا خارج منها في آخر يوم من ولايتي». هذا صحيح بالنسبة الى لوبو ومفروض عليه دستوراً، لكنه افتراء بحق زيلايا لأن هذا الأخير حتى لو نجح في فرض التجديد، لكان جرّبه عام 2013 لا في انتخابات نهاية عام 2009. والآن، وحتى لو أقرّ التعديل، فلن يطرح على استفتاء إلا يوم انتخابات عام 2013 ولن يصبح قانوناً يستطيع أن يستفيد منه لوبو إلا عام 2017.
مهما يكن، فإن مجرد النقاش بهذه الأمور أغاظ روبرتو ميتشيليتي، الرئيس الانقلابي الذي أطاح زيلايا، فذكّر المواطنين به ليعلمهم «أن لوبو وزيلايا من الطينة نفسها، وكلاهما يبحثان عن التجديد». وأتى جواب لوبو صارماً: «البعض لم يستدرك بعد أن الشعب اختار رئيساً آخر، وأن مهمة هذا المنتخب هي إيصال البلد إلى برّ المصالحة والسلام».