خاص بالموقع- بعد أقل من سنة على الفيضانات التي نكبت الأحياء الفقيرة لمدينة ريو دي جانيرو وبعض مدنها المجاورة مخلفة 250 ضحية، وبعد أيام على فيضانات ساو بولو التي تركت 13 قتيلاً، تعود الأمطار لتضرب هذه المرة، بقوة أكبر، المدن الجبلية لولاية ريو دي جانيرو وبعضها معروفة كمصيف للـ«أكابر» أيام اشتداد الحرارة في العاصمة بسبب مناخها الطيب والأحراج المحيطة بها. وكثافة الأمطار هذه المرة اشتدت بما لا يقاس، ثلاثة أضعاف، ما قد ولّد المآسي الماضية إذ سقط خلال يومين منسوب المطر الذي كان من المفترض وقوعه خلال شهر. وحتى هذه اللحظة، ارتفع عدد الضحايا إلى 335 قتيلاً موزعين بين نوفا فريبورغو، 168 قتيلاً، وتيريزوبزليس، 148 قتيلاً، وبيتروبوليس، 35 قتيلاً، مقر الإمبراطور الصيفي.
وفي هذا السياق، من المرجح أن ترتفع كثيراً هذه الإحصاءات التي يمكن اعتبارها أولوية فيزداد عدد القتلى ساعة بعد ساعة وقد يتخطى الألف. وتدل إحصاءات عام 2010 على أن أمطار السنة الماضية التي لم تكن رحيمة قتلت في البرازيل 473 مواطناً. وهذه العواصف الصيفية الغزيرة مرجّح استمرارها خلال أيام إضافية.
وفي ما له علاقة بالمواصلات والاتصالات التي تربط المدن من طرق وهواتف وكهرباء فهي مقطوعة، والجسور والسدود مدمرة، ما حوّل هذه المدن وغيرها والطرق التي تربطها بحيرات كبيرة.
وتوفي أربعة منقذين فيما ثلاثة آخرون عالقون تحت الوحول. ولا تستطيع فرق الإنقاذ الوصول إلى المناطق إلا بواسطة الطوّافات وبالتالي لم يستطيعوا بعد الدخول إلا إلى بعض الاحياء، عدا عن ضيع ومدن أخرى أصغر.
وتفقدت أمس الرئيسة ديلما روسيف المنطقة المنكوبة على متن طوافة وأفرجت عن موارد للإسعاف والإنقاذ قدرت بحوالى 300 مليون دولار، من المرجح أن تصل اليوم إلى إحدى هذه المدن.
ووقعت الكارثة ليل الثلاثاء – الاربعاء مفاجئة الكثير من السكان في بيوتهم. وضربت هذه المرة، بعكس المرات الماضية، من دون تمييز، مساكن فقيرة وغنية بسبب الطبيعة الوعرة لهذه المدن التي بنيت على سلسلة جبلية مطلة على المحيط الأطلسي – ولذلك هي مقصد سياحي محلّي ودولي – ما يجعلها منكشفة للأمطار أكثر من المناطق الجبلية المحمية. ولا يمكن حصر مسؤولية ما حصل بالعناصر الطبيعية لأن سياسة احتلال الاراضي – أو بالأحرى فقدانها – لها دورها المكمل في مضاعفة عدد الضحايا. والبناء في الأودية وقطع الأشجار وتدمير التغطية النباتية في الاعالي كلها عناصر أدّت إلى تحويل الأمطار من مجاريها الطبيعية ومضاعفة قوة تسرّبها وتحويلها إلى أنهر تجرف كل شيء على طريقها – وتؤدي إلى انهيارات جيولوجية وقد رصد أكثر من 30 منها – قبل الوصول إلى الأمكنة السكنية.
وفي هذا السياق، تقول الباحثة الجيولوجية، آنا لويزا كويليو، «يجب إجراء تقاطع بين خريطة الاخطار – وهناك ميل آلي لحصول انهيارات في هذه التلال كلما أمطرت خلال أيام متتالية – مع الخريطة السكانية لأن التكاثر بحد ذاته عنصر مضاعف للخطر، ومن المستحيل الوصول إلى نتائج دون مشروع منهجي يمتد على الأقل طوال عقد كامل». والتقاطع هذا ضروري لتحاشي تقاطع آخر، سمّاه أحد معلقي جريدة فوليا دي سان بولو «تقاطع كارثة طبيعية مع لامسؤولية الكثير من السياسيين المحليين الذين لا يرغبون بفتح نزاع مع مساكن الفقراء كما لا يرغبون بمعارضة مشاريع الأغنياء العقارية».