واشنطن | أعرب مسؤولون في الكونغرس الأميركي ومحللون عن اعتقادهم بأن المعارضة التي أبداها البيت الأبيض أخيراً لفرض مزيد من العقوبات على إيران، تأتي في إطار مسعى واضح للرئيس الأميركي باراك أوباما، لإبرام صفقة سرية مع الحكومة الإيرانية، تبقي الأخيرة بموجبها على برنامجها النووي. وقالت مصادر في الكونغرس إن «البيت الأبيض حذّر من فرض حزمة جديدة من العقوبات على قطاعات الطاقة الإيرانية أو أي من قطاعات طهران الأخرى الحيوية»، مشيرة إلى أن الحكومة الأميركية أكدت «أن العقوبات الأميركية الأحادية الجانب على إيران لم تكن مطلوبة لتغيير سياسة إيران النووية».
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي في البيت الأبيض، تومي فيتور، «في الوقت الذي نُركّز فيه مع شركائنا على تنفيذ تلك الجهود بفعالية، نعتقد أن فرض المزيد من العقوبات في الوقت الراهن من شأنه تقويض تلك الجهود»، غير أنه لم يوضح كيف بإمكان المزيد من تلك العقوبات الأميركية ضد قطاع الطاقة والموانئ الإيرانية أن تؤثر على جهود واشنطن بهذا الصدد.
ورأت مصادر الكونغرس أن معارضة البيت الأبيض لفرض حزمة جديدة من العقوبات على برنامج إيران النووي، تُمثّل نهجاً سياسياً لتحقيق ما ادّعت أنه «إبرام صفقة كبرى مع طهران» تبقي بموجبها على برنامجها النووي. وطبقاً لمصادر في مجلس الشيوخ، فإن البيت الأبيض كثّف من مقاومته للتعديل الداعي الى فرض العقوبات أو الضغط على الديموقراطيين في هذا الصدد.
وأكد فيتور معارضة البيت الأبيض للتعديل الخاص بالعقوبات، قائلاً «نحن لا نعتقد أن صلاحية إضافية لفرض مزيد من العقوبات على إيران هي أمر ضروري في هذا الوقت». وأضاف، في المذكرة التي قُدِّمت إلى مجلس الشيوخ، «إننا في الوقت نفسه نشعر بالقلق من أن هذا التعديل هو مزدوج ويهدِّد بتقويض بعض أحكام قانون حقوق الإنسان».
وكان مجلس الشيوخ الأميركي قد صوّت بموافقة 94 عضواً مقابل لا شيء يوم 29 تشرين الثاني الماضي على إدخال تعديل على مشروع قانون ميزانية وزارة الدفاع الأميركية، يفرض قيوداً على قدرة إيران على تأمين شحناتها من النفط، وكذلك السفن التي تنقله.
وقال العضو الديموقراطي في المجلس روبرت منينديز، وهو أحد رعاة التعديل، إن «الوقت المُخصّص للعبة الانتظار قد انتهى». وأعربت مذكرة البيت الأبيض عن القلق إزاء التعديلات الأخيرة الخاصة بالعقوبات بوصفها تفتقر إلى منح الرئيس الأميركي صلاحية تأجيل التنفيذ، وقالت إن الذي يجب أن يخضع للعقوبات هو من يُقدّم المساعدة لبرامج إيران الصاروخية والنووية.
وتعتبر الولايات المتحدة أن عوائد النفط الإيراني هي الأكثر أهمية لجهة تمويل طهران لبرنامجها النووي وتخصيب اليورانيوم لمستويات يمكن استخدامها في تصنيع أسلحة نووية، غير أن الولايات المتحدة تجد نفسها مضطرة إلى تلبية مطالب حلفائها بأن تتجاوز العقوبات الأحادية التي تفرضها على إيران، حيث تعمل على مد العمل بالإعفاءات لكل مشتري النفط الإيراني الرئيسيين، بعدما منحت هذا الإعفاء لليابان و10 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي في أيلول الماضي.
وكشفت مصادر في الكونغرس أن الحكومة الأميركية قررت يوم الجمعة الماضي منح الصين والهند و7 دول أخرى إعفاءً مدته 180 يوماً من العقوبات المفروضة على استيراد النفط الإيراني، في مقابل خفض مشترياتها من النفط من طهران. كما تم منح الإعفاءات أيضاً لكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا وتركيا وسيريلانكا وماليزيا وسنغافورة وتايوان.
وكان الرئيس أوباما قد وقّع قانوناً في آب الماضي يمنح الحكومة الأميركية سلطة فرض عقوبات على الشركات التي تساعد إيران في تطوير مواردها في مجال الطاقة. وتشترط الولايات المتحدة بموجب هذا القانون على مشتري النفط الإيراني القيام بتخفيضات كبيرة في مشترياتهم، وإلا فإنهم سيجازفون باستبعادهم من النظام المالي الأميركي.
يُذكر أن العديد من التقارير أشارت إلى أن الرئيس أوباما سيُركّز جهوده خلال فترة ولايته الثانية على إبرام صفقة مع إيران، وذلك في خطوة تهدف إلى التوصل إلى تسوية سياسية معها قبل نهاية الربع الثاني من عام 2013، على الأرجح، وهو التوقيت الذي يُعتَقد أن البيت الأبيض سيُقرّر بعده اللجوء إلى خيارات أخرى في تعامله مع الملف النووي الإيراني، وعلى رأسها الخيار العسكري.