أنقرة | رغم أن هناك 868 ملفاً تتضمن اتهامات جرميّة بحق أعضاء في البرلمان التركي المؤلف من 550 مقعداً، قرّر رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان رفع الحصانة عن عشرة نواب مؤيدين للأكراد. وبعد يوم واحد من انتقاد أردوغان بشدة لأعضاء من حزب السلام والديموقراطية BDP المؤيد للأكراد، قدّم أول من أمس اقتراحاً للبرلمان لرفع الحصانة عن أعضاء الحزب. ويتمتع النواب الأتراك بحصانة كاملة بعد انتخابهم، سواء كان لديهم محاكمات جارية قبل انتخابهم أو ارتكبوا جريمة بعد انتخابهم. وهذا يشمل كل الجرائم بما فيها التزوير، والسرقة، والقتل والاغتصاب. والاستثناء الوحيد لهذه القاعدة الجرائم ضد الدولة، بمعنى الجرائم التي تضر بـ«سلامة الدولة بأراضيها وشعبها، وخطر وجود النظام الديموقراطي والعلماني للجمهورية التركية».
وبالنسبة إلى المجلس التشريعي الحالي، هناك 868 ملفاً جرميّاً ضد نواب في الانتظار. 64 من هذه الملفات تعود الى نواب أعضاء في حزب العدالة والتنمية الحاكم، و84 ملفاً تتعلق بحزب الشعب الجمهوري التركي، المعارض الرئيس للحكومة. وهناك 21 ملفاً تختص بجرائم تُنسب إلى أعضاء في حزب الحركة القومية، و39 ملفاً جرمياً منسوبة الى أعضاء مستقلين في البرلمان. هذه الملفات في العادة تتضمن جرائم اقتصادية كالاحتيال والتزوير وإعطاء رشوة. لكن الـ660 ملفاً الباقية تتصل بأعضاء في حزب السلام والديموقراطية، باتهامات تتعلق بدعم الإرهاب، أو الدعاية لتنظيم إرهابي. فعلى سبيل المثال، الملفات الباقية التي تم إحضارها الى البرلمان والمتصلة بعشرة أعضاء من الحزب المؤيد للأكراد، تتضمن اتهامات مزعومة لهؤلاء النواب بالاتصال بتنظيم إرهابي. أما التحقيقات بشأن هؤلاء فقد انطلقت بعد صدور شريط مصوّر يُظهِر النواب العشرة وهم يتبادلون الأحاديث والعناق مع عناصر مسلّحة من حزب العمال الكردستاني في منطقة شمدينيلي التابعة لمحافظة هاكاري جنوب شرق تركيا. المدعي العام ادّعى أن اللقاء ظهر كأنه قد تم الإعداد له مُسبقاً، على عكس ما قاله الحزب عن أن اللقاء حصل بنحو عفوي حين أغلق المسلحون الطريق أمامهم.
من ناحيته، اقترح أردوغان مجدداً على حزب السلام والديموقراطية أن يضع مسافة بينه وبين حزب العمال، وأن يكون محاوراً من أجل حل المسألة الكردية، لكن الحزب اقترح أن تدخل الحكومة في مفاوضات مع حزب العمال الكردستاني.
الصحافي المُختّص في القضية الكردية، هاشم سوليميز، رأى في حديث إلى «الأخبار» أن «تبادل الأحاديث والعناق بين النواب وعناصر الحزب الكردي كانا إحدى السقطات الأخيرة بالنسبة إلى الحكومة»، مؤكداً أن «الحكومة لا تريد الاتفاق مع حزب السلام والديموقراطية، في ظل اقتراب موعد الانتخابات وردّ فعل الحزب القومي ضد أعضاء حزب السلام». ورأى أن «الحكومة قادرة على محاورة حزب العمال وزعيمه عبدالله أوجلان مباشرة». في غضون ذلك، اتّهمت نائبة رئيس حزب السلام والديموقراطية، غولتن كيشاناك، رئيس الحكومة بمحاولة إبعاد الأكراد عن السياسة. النائبة التي ورد اسمها من بين النواب العشرة، قالت إن هؤلاء (النواب) مستعدون لدفع الثمن من أجل قضيتهم كما كان عليه الوضع دائماً».
من جهتها، الصحافية في جريدة «صباح»، والقريبة من اليمين المحافظ، نزلي اليجاك، توقعت أنه في حال رفع الحصانة عن النواب، ستبرز أزمات أخرى في المجتمع. وكتبت أمس في الصحيفة اليومية أنه «فيما هناك العديد من الملفات حول العديد من النواب في البرلمان، سيكون رفع الحصانة عن نواب الحزب المؤيد للأكراد تمييزاً واضحاً. سوف يصعّد من التوتر ويتجنّب الحل، لأن مؤيّدي الحزب سيصطدمون مع الشرطة والقوى الأمنية بالتأكيد، وستجد تركيا نفسها في جو متوتر».