في خطوة في إطار مسعى استقلال إقليم كاتالونيا عن إسبانيا، فازت أحزاب انفصالية بانتخابات الإقليم، التي أُجريت أول من أمس الأحد، إلا أنها لم تستطع الحصول على التفويض اللازم لإجراء استفتاء على الانفصال. ومنح الناخبون نحو ثلثي مقاعد البرلمان المحلي، البالغ عددها 135 مقعداً، لأربعة أحزاب انفصالية مختلفة تريد جميعها إجراء استفتاء على الانفصال عن إسبانيا. ومُني الائتلاف القومي اليميني، برئاسة رئيس وزراء المقاطعة ارتور ماس، بنتائج مخيبة للآمال، إذ تراجعت حصته في البرلمان إلى 50 مقعداً، فيما ضاعف اليسار الانفصالي مقاعده إلى 21، بحسب النتائج شبه النهائية.
وأظهرت النتائج أن الحزب الأول في الإقليم حزب الائتلاف الوطني (كونفرجنسيا اي أونيو) خسر 12 مقعداً مقارنة بالأكثرية النسبية التي كان يمتلكها في البرلمان السابق، وبات عليه إذا ما أراد الاحتفاظ بالسلطة لتنفيذ مشروعه بإجراء استفتاء عام بشأن مستقبل الإقليم أن يعقد تحالفات جديدة، وهي مهمة غير سهلة على الإطلاق.
وبحسب النتائج شبه النهائية، أصبح الحزب اليساري الانفصالي «اي ار سي» (اسكويرا ريبابليكانا دي كاتالونيا) ثاني أكبر قوة سياسية في الإقليم بعد فوزه بـ21 مقعداً في الانتخابات مقابل عشرة مقاعد حصدها في الانتخابات السابقة في 2010. أما القوة الثالثة في البرلمان الكاتالوني الجديد، فهي القوة الاشتراكية (20 مقعداً)، يليها بـ 19 مقعداً الحزب الشعبي (يمين)، الذي يمسك بزمام السلطة المركزية في مدريد.
وعلى الرغم من الخسارة، تعهد الائتلاف السعي إلى تنظيم استفتاء شعبي لتقرير المصير، وأكد ماس في حديث لأنصاره أنه سيظل يحاول تنفيذ الاستفتاء رغم تأكيد صعوبة الأمر، مضيفاً: «لكن لا يوجد ما يدعو إلى التخلي عن العملية». وقال الزعيم القومي في كاتالونيا إن اقتصاد المقاطعة القوية قادر على الصمود في أوروبا من دون إسبانيا، لكن السؤال هو: هل يمكن أن تصمد إسبانيا من دون كاتالونيا؟
وأكد ماس أن كاتالونيا بصفتها دولة مستقلة ستحل في المرتبة الـ27 في الاتحاد الأوروبي على صعيد الثروة وفي المرتبة التاسعة لجهة قدرتها التجارية. وفي الإطار، حذر المحللون الاقتصاديون من أن مستقبل إسبانيا سيكون أسوأ من دون كاتالونيا. وقال راج بادياني، المحلل لدى مجموعة «آي اتش اس غلوبال انسايت» للأبحاث في لندن، إن حصول كاتالونيا على الاستقلال «غير محتمل فعلاً». وأوضح أنه حتى لو حصل، فإن التأثير الأول سيكون خسارة في عائدات الضرائب. وأضاف: «لأن إسبانيا تواجه أصلاً احتمال عدم تحقيق أهدافها المالية لهذا العام والعام التالي وعائدات الضرائب تتراجع بسبب الانكماش الذي يبدي مؤشرات كساد، فإن مثل هذا الاحتمال سيكون ضربة قاضية لقدرة إسبانيا على تحقيق أهدافها المالية في العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة». وتابع قائلاً إن انفصال كاتالونيا، التي تشكل خُمس مجمل الإنتاج الاقتصادي الإسباني وأكثر من ربع صادراتها، سيلحق أضراراً بالاقتصاد عموماً.
ووافقه خافيير كوادراس موراتو، عالم الاقتصاد في جامعة بومبو فابرا في برشلونة، الرأي بأن انفصال كاتالونيا عن إسبانيا سينعكس مباشرة على الضرائب. وأشار تقرير لمعهد «انستيتوتو استوديوس ايكونوميكس» للابحاث إلى أنه في حال الانفصال، فإن إسبانيا ستصر على الأرجح على أن تتحمل كاتالونيا حصة من الدين السيادي لإسبانيا البالغ 685 مليار يورو.
(أ ف ب، رويترز)