بكين | أدخل الحزب الشيوعي الصيني «سياسات وإجراءات لتشجيع ودعم وإرشاد تطور القطاعات الاقتصادية الخاصة والتي نمت بسرعة فائقة خلال الأعوام العشرة الفائتة، الى حد أنها تساهم اليوم بنسبة ستين في المئة من معدل الدخل القومي وتسدد خمسين في المئة من مجموع الضرائب وتشغل سبعين في المئة من الوظائف»، هذا حسبما جاء على لسان رئيس اللجنة الوطنية للتطور والإصلاح في الحزب الشيوعي الصيني وزير التخطيط جانغ بينغ، في معرض تقديم تقريره الى اللجنة المركزية التي تلتئم في إطار المؤتمر الثامن عشر للحزب في بكين. وعقد الوزير الصيني مؤتمراً صحافياً في المركز الإعلامي، وزّع خلاله ملخّصاً عن التقرير.
الأمين العام للحزب هو جين تاو، كان قد أعلن يوم الخميس الماضي أن معدل الدخل الفردي لكل مواطن صيني سيبلغ عام ٢٠٢٠ ضعف ما يبلغه اليوم، أي أن معدل دخل كل من المليار وثلاثمئة مليون صيني سيبلغ عشرة آلاف دولار أميركي بعد سبع سنوات، بينما لا يتجاوز هذا المعدل اليوم خمسة آلاف دولار، ولم يتجاوز ١٢٠٠ دولار عام ٢٠٠٢.
وستوسع هذه الخطة حجم الأسواق الداخلية الصينية بفضل رفع قيمة الاستهلاك والتبادل، وهو ما ستحتاج إليه الصين إذا أرادت الحفاظ على نسبة نمو بلغت ٧،٧ منذ مطلع العام الجاري، حيث إن زيادة الإنتاجية تستدعي أسواقاً للتصريف.
وقررت القيادة الصينية التي سيتولاها شي جينغ بينغ، قريباً، أن تحتكم الى الداخل، لا أن تنتهج سياسات توسعية مثلما تفعل القوى الاقتصادية الغربية في ممارسة الإمبريالية الرأسمالية عبر السيطرة على الدول الضعيفة بهدف تحويلها الى أسواق لتصريف بضائعها.
فبإمكان الصيني أن يصرّف البضائع التي ينتجها لزبائنه الصينيين الذين سيتيح لهم دخلهم المتصاعد تسديد ثمن المنتجات، والذي سيرتفع تدريجاً في الأسواق المحلية.
وتؤكد المؤشرات الاقتصادية التي سجلتها السنوات العشر السابقة أهمية الاستهلاك المحلي في تحديد معدل الدخل الوطني في الصين، حيث إن الاستهلاك المحلي ساهم في تحديد الدخل الوطني بنسبة ٥٥،٥ في المئة عام ٢٠١١، وذلك بزيادة ٤٣،٩ في المئة عام ٢٠٠٢.
أما المؤسسات الاقتصادية التي تملكها الدولة، فشدد تقرير جانغ بينغ على نمو قوتها وذكر أن هيكليتها تطورت استراتيجياً.
من بين هذه المؤسسات: شركة «صينوبك» للبيتروكيماويات وللتنقيب عن النفط والغاز.
من ناحيتها، زارت «الأخبار» المكاتب الرئيسية لـ«صينوبيك» يوم أمس في بكين واجتمعت بأعضاء مجلس إدارتها الذين أشاروا إلى أن المؤسسة هي ثاني أكبر منتج للمشتقات النفطية في العالم، حيث بلغ الإنتاج نحو خمسة ملايين برميل من النفط يومياً.
وأضافوا إن ألفاً وخمسمئة مليار برميل من النفط الخام ملأت المصافي التي تعود لـ«صينوبيك» في العام الفائت. وتملك المؤسسة ثلاثين ألف محطة وقود.
إضافة الى البتروكيمياويات والصناعة، تركّز التوجهات المستقبلية للصين على الابتكارات والاختراعات، وخصوصاً في مجالات التكنولوجيا والطيران وعلوم الفضاء والقطارات السريعة والحواسيب المتطورة والأبحاث الجينية في الزراعة.
وبينما بلغ عدد الاختراعات الصينية المسجلة ١١٢ ألف اختراع عام ٢٠١١ بزيادة ١٨،٢ في المئة منذ عام ٢٠٠٢، يتوقع أن يفوق مجموع الاختراعات الصينية المليون عام ٢٠٢٠، وذلك بفضل استمرار تزايد نسبة مجموع معدل الدخل الوطني المخصصة للأبحاث والتطوير.
هذه النسبة كانت تبلغ ١،٨٤ في المئة خلال العام الماضي، ويتوقع أن تزيد على ٢ في المئة من مجموع معدل الدخل الوطني خلال السنوات المقبلة.
وكانت الصين قد انضمت الى منظمة التجارة العالمية عام ٢٠٠٢، وساهم ذلك بالإضافة الى سياسة الانفتاح الاقتصادي المستمرّ في زيادة حجم الصادرات من ٦٢٠،٧٧ مليار دولار أميركي عام ٢٠٠٢ إلى ٣٦٤١،٨٦ مليار دولار عام.
وإذا استمر ازدياد الصادرات على هذا النحو، فقد يزيد حجمها الى أكثر من ٦٠٠٠ مليار دولار عام ٢٠٢٠.
لقد بلغ عدد العمال في الصين الشعبية خلال العام الفائت نحو ٧٦٠ مليون عامل في مختلف المجالات، وذلك بزيادة ٣١،٤ مليون عامل منذ ٢٠٠٢. ويتوقع أن يبلغ عددهم أكثر من ٨٠٠ مليون عامل بحلول عام ٢٠٢٠.
وقد شدّد الوزير جانغ، خلال مؤتمره الصحافي، على «رفع مستوى نظام الضمان الاجتماعي»، وذكر أن توجه الحزب هو لبناء مساكن لذوي الدخل المحدود حيث وفّرت الدولة نحو 13 مليون شقة سكنية بين عامي ٢٠٠٨ و٢٠١١، وهي بصدد بناء أكثر من ثلاثة وعشرين مليون شقة سكنية، يفترض أن تكون متوفرة قبل عام ٢٠٢٠.
وخلص تقرير رئيس اللجنة الوطنية للتطور والإصلاح في الحزب الشيوعي، إلى أن الصين ستسعى خلال المرحلة المقبلة الى تثبيت «التوازن في العلاقة بين سرعة النمو من جهة، وهيكلة الاقتصاد من جهة ثانية، ومستوى الأسعار من جهة ثالثة، وأضاف «سيكون تحقيق ذلك مستحيلاً من دون قيادة قوية للحزب الشيوعي الصيني والحكومة».
وختم بإشارة واضحة الى تولي الجيل الخامس بقيادة شي جينغ بينغ القيادة عبر إعلانه «أننا سنعمل بجهد وبروح الابتكار لاستمرار بناء الاشتراكية بخصوصيات صينية ولندخل مرحلة جديدة من إعادة روح الشباب الى الدولة الصينية».



تراجع نسبة النمو؟

شرح وزير التخطيط جانغ بينغ (الصورة) أن تباطؤ نسبة نمو اقتصاد الصين خلال الربع الثالث من العام الجاري لا يعني أن البلاد ستعاني من تراجع شبيه بالتراجع الذي أحدثته الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨. بل إن انخفاض نسبة النمو الى ٧،٤ في المئة (يُذكر أن معدل نسب النمو في الدول الغربية التي تنتهج الاقتصاد «الحر» لا تزيد على ٤ في المئة) سببه، بحسب المسؤول الصيني الذي قدم أخيراً تقريره الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي هو تدخل الحكومة، حيث إن الحزب يرى أن النمو السريع في هذه المرحلة يجب أن يتناسب مع القدرة على الحفاظ على الاستقرار المالي والتنمية المستدامة، وهو أمر يخضع لتحديات ٢٠١٣. وبسبب عدم وجود بوادر انفراج للأزمات التي يعاني منها الاقتصاد في الدول الغربية، لا يتوقع الصينيون ارتفاع صادراتهم عام ٢٠١٣. لكن الوزير جانغ أكد «أننا على ثقة بأننا سنتمكن من تحقيق أهدافنا الاقتصادية في مطلع ٢٠١٣، حيث إن نسبة النمو تسجل أكثر من ٧،٥ في المئة، على الرغم من التحديات والصعوبات».