واجهت الحكومة اليونانية، التي يرأسها زعيم حزب «سيريزا»، أليكسيس تسيبراس، يوم أمس، الإضراب العام الأول ضد سياسات التقشف الجديدة المفروضة أوروبياً، ومسيرات احتجاجية حاشدة. وفي مفارقة صارخة، دعا «سيريزا» إلى «المشاركة الكثيفة» في الاحتجاجات.
وشهدت المدن اليونانية شللاً في صور الحياة، نتيجة الإضراب الذي أعلنه عمال القطاعين العام والخاص، «احتجاجاً على التغييرات التي أجرتها الحكومة في ما يخصّ قوانين العمل والضمان الاجتماعي».
وساند الإضراب الذي دعا إليه اتحاد نقابات العمال واتحاد موظفي الدولة واتحاد فروع العمال المكافحين، أعضاء من الحزب الحاكم. وشهدت العديد من المدن اليونانية الكبرى، مثل أثينا وسلانيك وباترا، تظاهرات منددة بإجراءات الحكومة، كما شهدت حركة المرور في العاصمة شللاً، بسبب التظاهرة التي انضم إليها أكثر من 20 ألف مواطن.

التدابير الحكومية تجعل العلاقات الاجتماعية جديرة بالقرون الوسطى

ويهدف الإضراب الذي دعت إليه نقابات البلاد لمدة 24 ساعة، إلى الاحتجاج على زيادة الضرائب والمطالبة بإصلاح قانون التقاعد. وأدى ذلك إلى توقف الإدارات الرسمية والنقل، فيما ألغيت عشرات الرحلات الجوية الداخلية. حتى إن المستشفيات لم تستقبل إلا الحالات الطارئة.
وقال الاتحاد العام للعمال اليونانيين، وهو أبرز نقابة خاصة في البلاد، «نتصدى لتدابير حكومية تجعل العلاقات الاجتماعية جديرة بالقرون الوسطى».
وشهدت أثينا أعمال احتجاج عنيفة، فقد عمدت مجموعة من 150 شاباً، مسلحين بقضبان حديد وحجارة، إلى تخريب مواقف الحافلات وإضرام النار في سيارة تابعة لشركة اتصالات، لترد الشرطة بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية.
وكشف الإضراب العام الموقف الملتبس لتسيبراس، الذي تمرد عليه قسم كبير من أعضاء حزبه، وخُمس نوابه، بعدما أذعن للشروط القاسية لبرنامج قروض جديد، ليستقيل في 20 آب الماضي، وعاد إلى السلطة في 20 أيلول، بأكثرية لا تشمل جناحه اليساري الرافض للإذعان لشروط الدائنين.
واللافت أن حزب «سيريزا»، الذي يتزعمه رئيس الحكومة، دعا اليونانيين إلى المشاركة «بأعداد كثيفة» في الإضراب، والتصدي «للنيوليبرالية المتطرفة، وللسياسات التي لا تحظى بتأييد شعبي» التي تعتمدها حكومة... «سيريزا»!
وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالأحاديث عن هذه المفارقة. وكان تسيبراس قد وصف القبول في تموز الماضي بـ«خطة الإنقاذ»، أي برنامج القروض المشروط، بأنه «تسوية مؤلمة» و«تراجع تكتيكي»، هدفه الحؤول دون إفلاس البلاد والخروج من منطقة اليورو أو حتى الاتحاد الأوروبي.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)