قبل ثلاثة أسابيع على الانتخابات الرئاسية الأميركية، استطاع الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما أن يقلب النتائج السيئة التي تلازمه منذ اسابيع، بعد مناظرة جمعته بمنافسه الجمهوري ميت رومني مساء الثلاثاء. إذ أظهرت بعض استطلاعات الرأي السريعة، التي اجريت بعد المناظرة تقدماً طفيفاً لأوباما، حيث أعلن 37 في المئة من الناخبين المترددين في استطلاع لشبكتي «سي بي آس» و«نولدج» على أنّهم يفضلون الرئيس، مقابل 30 في المئة لرومني، و33 في المئة ممن اعتبروا أنّ المناظرة كانت نتيجتها متعادلة. والاستطلاع نفسه كان قد اظهر بعد المناظرة الاولى الأسبوع الماضي تفضيل رومني بنسبة 46 لـ22 في المئة. في المقابل، قال 46 في المئة من الناخبين المسجلين الذين استطلعت «سي. إن. إن» آراءهم إنّهم يفضلون أوباما، مقابل 39 لرومني. وقال 73 في المئة من هؤلاء إنّ أوباما كان أفضل مما يتوقعون، مقابل 10 في المئة اعتبروا انّه تصرف بأسوأ مما انتظروه.
وفيما يجمع مناصرو أوباما على نجاحه في القضاء على خصمه في المناظرة، كان من الواضح أنّ الرئيس لزمه بعض الوقت لينتقل الى الهجوم ويطيح رومني، الذي لم يعترف مناصروه بالهزيمة، مصرّين على تعادل الطرفين. إذ تطلب الامر عشرين دقيقة كي يبدأ اوباما هجومه على رومني. وبما أنّ المناظرة، التي جرت في جامعة «هوفتر» في نيويورك، كانت على شكل اجتماع للبلدة، حيث استطاع المتنافسان التجول على المسرح أمام الحضور الذين طرحوا اسئلتهم، ما اتاح لهم التواصل مع الناخبين، لمحاولة اقناعهم بإجاباتهم.
وكان اللافت في المناظرة أنّ الطرفين تصرفا كتلميذي مدرسة، فقاطع كل منهما الآخر، وفي بعض الأوقات كان الاثنان يتحدثان في الوقت نفسه، من دون أن تتمكن الصحافية في محطة «سي. إن. إن» كاندي كراولي من اسكاتهما. وصرف اوباما ورومني الساعة ونصف الساعة، مدة المناظرة، في نعت بعضهما بالكذب كلما طرح طرف مشروعاً او فكرة ما.
ولم ينس أوباما هذه المرة أن يتحدث عن موضوع الـ47 في المئة من الأميركيين الذين يعتبر رومني أنّهم «يظنون انهم ضحايا ويعتمدون على الدولة» (كما جاء في شريط مسرب من لقاء خاص بين رومني ومموليه)، فكان رد رومني في اكثر من مكان حول إنّه يهتم «بالمئة في المئة من الاميركيين من دون تمييز». وأعاد أوباما التذكير بأنّ إدارته خلقت 5 ملايين وظيفة في الأشهر الثمانية الماضية. وقد يكون تقرير البطالة الصادر منذ أسابيع قد ساعد أوباما في هذه النقطة، إذ انخفضت الى 7.8 في المئة، بعد ارتفاع لشهور عدّة.
وفيما حاول رومني حشر اوباما في الزاوية في موضوع الهجوم على القنصلية الأميركية في واشنطن، كان رد اوباما أنّه يتحمل المسؤولية عن سلامة وأمن الأميركيين لأنّه «أنا الرئيس وأنا المسؤول دائماً». وعاب على رومني انتقاداته المتسرعة لردة فعل واشنطن، قبل أن تتضح الأبعاد الكاملة للهجوم.
والى جانب موضوع ليبيا، تطرق المتنافسان الى مسألة الهجرة والعلاقات مع الصين في الجزء المخصص للسياسة الخارجية، فيما عاد النقاش الى الضرائب والموازنة العامة في القسم المخصص للمسائل الداخلية. ولم ينس أوباما السخرية من رومني حين سأله الأخير عن صندوق تقاعده اذا كان يتضمن استثمارات في اقتصادات مثل الصين، فأجابه أوباما «انا لا اطّلع على صندوق تقاعدي باستمرار. وهو ليس بحجم صندوق تقاعدك». وكان رومني قد اعلن انه سيتصدى للصين في قضية التجارة وخفض قيمة عملتها، فاتهمه اوباما عندها بأنّه يستثمر في شركات صينية نقلت وظائف الى خارج الولايات المتحدة. وقال له «ايها الحاكم، انت آخر من سيعتمد موقفاً متشدداً حيال الصين».
وهاجم رومني أوباما على الدين العام، كما حصل في المناظرة السابقة، وقال إنّه في حال اعيد انتخاب الرئيس سينتقل الدين الوطني من 16 مليار دولار الى 20 ملياراً، مضيفاً «هذا ما يضعنا على طريق شبيهة بطريق اليونان».