خرق حدودي جديد... وأردوغان يحذّر من «اختبار تركيا» وموسكو وطهران تعوّلان على التهدئة طَوَت صفحة «التوتر الحدودي» تصريحات أنقرة الرافضة للحرب، وعزّزها تعويل موسكو على هذه التصريحات وزيارة النائب الأول للرئيس الإيراني لتركيا. في وقت دان فيه مجلس الأمن هجمات حلب «الإرهابية» طبعت التهدئة تصريحات السياسيين في المنطقة بعد التهدئة الميدانية مصحوبة بخرق «طفيف» إثر سقوط قذيفة هاون من المدفعية السورية على منطقة ريفية في محافظة «هاتاي»، دون وقوع أي إصابات، ما استدعى ردّاً تركياً فوريّاً باطلاق النيران على مكان انطلاق القذيفة.

وكرّر رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أمس، رفض بلاده للحرب، فيما عوّلت موسكو على امتناع تركيا عن اتخاذ خطوات أُحادية للحدّ من التوترّ الحدوديّ، فيما كسرت زيارة النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي لأنقرة حدّة المواقف «الساخنة».
وجدّد أردوغان القول إنّ بلاده ليست داعية للحرب، لكنها مستعدة لخوضها في أي وقت، وذلك في ظلّ التوتر على الحدود بين بلاده وسوريا. وأضاف أردوغان، أمام افتتاح مشروع التجديد العمراني للمباني القديمة في إسطنبول، أنّ «الشعب التركي وصل إلى ما هو عليه الآن بعدما خاض حروباً كثيرة خارج حدود البلاد، حينما تحتّم عليه خوض تلك الحروب»، مشيراً إلى «أنهم (الأتراك) لن يقفوا بعد ذلك صامتين أو مكتوفي الأيدي تجاه أيّ محاولة للنيل من هيبة تركيا وسيادتها». وقال إنه سيكون من الخطأ اختبار «الردع التركي» وتصميم تركيا وقدراتها. وأضاف «إنهم لن يتراجعوا ولن يحجموا عن إظهار رد فعلهم الغاضب سياسياً ودبلوماسياً إزاء ما يرتكبه (الرئيس السوري بشار) الأسد من مجازر بحق الشعب السوري، وذلك مثلما فعلوا تماماً في حادث الهجوم الأخير الذي تعرّضت له تركيا».
في غضون ذلك، اجتمع الرئيس التركي عبد الله غول مع النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي، وبحث معه العلاقات بين البلدين. وأعرب غول عن أمله بأن تسهم العلاقات بين تركيا وإيران في تحقيق السلام والأمن والاستقرار والرفاهية لشعبي البلدين. وأفاد أن العلاقات بين البلدين تؤدي دوراً مهمّاً في تحقيق السلام في المنطقة.
من جهته، قال رحيمي إنّ القيادة العليا في إيران متفقة على مسألة تطوير العلاقات مع تركيا في جميع المجالات، ونقل إلى الرئيس التركي تفاصيل مباحثاته التي أجراها مع المسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم رئيس الوزراء أردوغان.
من جهته، أعلن رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء حسن فيروز آبادي، أنّ اندلاع حرب بين تركيا وسوريا لا يخدم الإسلام والمسلمين. ونقلت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية عن فيروز آبادي قوله إن «هذه الحرب مطلب أميركي، وعلى مسؤولي البلدين السعي إلى إحلال الهدوء على الحدود، وعدم التدخل في شؤون البلد الآخر».
وأضاف «من الواضح أنّ أخطاءً حدثت، لكن الحرب لا تعالج هذه الأخطاء، وستجعل هذين البلدين الإسلاميين يواجهان تحديات صعبة»، كما رأى أنّ وجود حلف شمال الأطلسي في المنطقة يمثّل تهديداً لتركيا. وأشار إلى أنّ «أمنية الغربيين تكمن في إضعاف تركيا من خلال التحديات التي تواجهها، ومن ثم بثّ الفرقة في الخط الأمامي لجبهة الإسلام والمسلمين في مواجهة الغرب». وشدّد فيروز آبادي على ضرورة إنهاء التحديات الراهنة بين تركيا وسوريا، وضرورة ايلاء مسؤولي البلدين اهتمامهم لهذا الموضوع، معرباً عن أمله في أن يتجاوز المسؤولون السوريون والأتراك هذه المرحلة الحساسة من خلال توخي اليقظة والالتزام بالقيم الدينية وضبط النفس.
من ناحيتها، قالت وزارة الخارجية الروسية إنّ موسكو تعوّل على امتناع تركيا عن اتخاذ خطوات أحادية تجاه سوريا. وذكرت قناة «روسيا اليوم» أنّ وزارة الخارجية الروسية أصدرت بياناً، أشارت فيه إلى تصريحات الحكومة والخارجية التركية بأن أنقرة ستبذل كل ما بوسعها من أجل عدم السماح بتفاقم الأوضاع، وأنّها ستنسق نشاطها حيال سوريا مع المجتمع الدولي. وجدّدت الوزارة التأكيد على تمسّك روسيا بضرورة حلّ الأزمة السورية من قبل السوريين أنفسهم، وفق قراريْ مجلس الأمن 2042 و2043 وبيان جنيف.
في موازاة ذلك، رأى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، أن سقوط قذائف من الجانب السوري على بلدة حدودية تركية ومقتل 5 أتراك أمر غير مقبول. ومن ناحية أخرى، اتصل وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو بالأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وبنظيره المصري محمد كامل عمرو. وقالت مصادر دبلوماسية لوكالة «الأناضول» إن داوود أوغلو قدّم معلومات إلى المسؤولين العربيين بشأن الوضع على الحدود التركية- السورية. وقدّم العربي وعمرو تعازيهما إلى داوود أوغلو، مشدّدَين على التضامن مع بلاده.
في موازاة ذلك، وبعد عودة الهدوء النسبي إلى الحدود التركية السورية، حيث عزّز الجيش التركي وجوده، بحسب وكالة «فرانس برس». أفادت وكالة «أنباء الأناضول» عن سقوط قذيفة هاون من المدفعية السورية، مساء أمس، على منطقة ريفية ببلدة «يايلا داغي» التابعة لمحافظة «هاتاي»، دون وقوع أي ضحايا أو إصابات. وذكر محافظ «هاتاي»، جلال الدين لَكه سز، أنّ مكان سقوط القذيفة يبعد عن الحدود حوالى 50 متراً داخل الأراضي التركية. وأوضح أنّ الدفاعات التركية قامت بالردّ الفوري والمباشر بإطلاق النار على المكان الذي انطلقت منه القذيفة.
في سياق آخر، دان مجلس الأمن الدولي بالإجماع، يوم أمس، «الهجمات الإرهابية» التي وقعت في مدينة حلب يوم الأربعاء، حيث قتل 48 شخصاً في سلسلة تفجيرات انتحارية منسّقة.
وقال المجلس، في بيان غير ملزم، «دان أعضاء مجلس الأمن الدولي بأشدّ العبارات الهجمات الإرهابية بمدينة حلب في سوريا، التي أدت إلى مقتل العشرات وإصابة أكثر من مئة مدني، والتي أعلنت جماعة جبهة النصرة التابعة للقاعدة مسؤوليتها عنها».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)