نواكشوط | ... وأخيراً أعلنت الولايات المتحدة الأميركية استعدادها لدعم تدخل عسكري أفريقي في شمال مالي يكون «جيد الإعداد»، ويتم تحت إشراف أممي وبقيادة الجيش المالي، مع دعم كل دول المنطقة مثل موريتانيا والجزائر. وقال أعلى مسؤول في قسم شؤون أفريقيا في وزارة الخارجية الأميركية، جوني كارسون، إنه «يجب أن يحدث في وقت ما عمل عسكري» ضد الجماعات الإسلامية المسلحة التي تسيطر على إقليم أزواد منذ أكثر من خمسة أشهر. ودعا الدبلوماسي الأميركي، في مؤتمر صحافي أمس، إلى أن يكون الانتشار المحتمل لقوات من مجموعة دول غرب أفريقيا تحت إشراف الأمم المتحدة «بقيادة الجيش المالي مع دعم كل دول المنطقة مثل موريتانيا والجزائر».
وفي سياق حديثه عن العمل العسكري، شدد كارسون على أنه «يجب أن يكون جيد الإعداد وجيد التنظيم وجيد التفكير ويحظى بقبول من دول ستكون معنية مباشرة».
وتأتي هذه التطورات الجديدة بعد تصريحات للقائد الأعلى للقوات الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، الجنرال كارتر، أكد من خلالها أن الأزمة لا يمكن حلها إلا «سياسياً ودبلوماسياً». وقال في ختام جولة له اختتمها بمباحثات مع كبار المسؤولين الجزائريين، إن واشنطن تدعم مساعي الجزائر لإيجاد حل «سياسي ودبلوماسي» للأزمة التي تعيشها مالي. وأضاف الجنرال كارتر أن «البديل الوحيد الذي يجب ألا يكون هو الوجود العسكري الأميركي في شمال مالي»، ولكنه لم يستبعد اللجوء إلى الخيار العسكري في حال فشل المساعي. وكشف أن بلاده ستدرس إمكان تقديم دعم عسكري لقوات «الإكواس» في حال حصول هذه الأخيرة على ترخيص أممي بشن حملة عسكرية ضد الجماعات الإسلامية التي تسيطر على شمال مالي. وشدد على أن بلاده تؤيد إيجاد حل «سياسي ودبلوماسي» للأزمة التي تهز شمال مالي منذ عدة أشهر.
وأبدى المسؤول الأميركي دعمه للجهود التي تبذلها الجزائر لتسوية الأزمة «عن طريق الحوار»، كما رفض التعليق على المعلومات التي أشارت إلى وجود وفد من حركة «أنصار الدين» في الجزائر لبحث فرص تسوية الأزمة، مؤكداً أن بلاده «لا تعرف حقيقة الأوضاع ولا الأطراف الفاعلة في الساحة المالية، وهي تسعى لفهم ما يجري» من خلال الزيارة التي قام بها قائد أفريكوم إلى دول المنطقة، ومنها الجزائر، للاطلاع على مواقف دول المنطقة. كذلك نوّه بـ«الحضور الفعال جداً» للجزائر، لا سيما بفضل المساعدة الإنسانية التي تقدمها إلى السكان اللاجئين في المنطقة.
وأمام هذه الإشادات، يجمع المراقبون على أن الجزائر باتت في طريقها لدعم تدخل عسكري، بعد فشل مساعي التسوية والمفاوضات التي شهدتها الجزائر، سراً تارة وعلناً تارة أخرى. ورأى المراقبون أن خطر الجماعات الإسلامية المدعومة من القاعدة والمستفيدة من الانفلات الأمني في المنطقة بات الشغل الشاغل لحكام الجزائر الذين توترت علاقتهم بليبيا أكثر من أي وقت مضى بسبب تطورات الأوضاع في شمال مالي المتاخم للجزائر.
وتبقى القواعد العسكرية في الصحراء الجنوبية مفتاح اللغز في أي عمل عسكري تعتزم واشنطن دعمه في المنطقة، وهو ما سيراهن الجزائريون على أهميته في المفاوضات المقبلة مع واشنطن.
من جهة أخرى، رفضت أحزاب المعارضة في موريتانيا أي تدخل عسكري دولي في الشمال المالي المتاخم لبلادهم، وأكد حزب التواصل الإسلامي المعارض في موريتانيا، رفضه وتحذيره مما وصفها بالعواقب السلبية الوخيمة على منطقة الساحل والصحراء لأي تدخل أجنبي توجهه الدول الغربية، «وفق أجندتها ومصالحها»، لمنطقة أزواد، شمال مالي.
وأعلن الحزب، في بيان له، وقوفه ضد «جعل شمال مالي مسرحاً لحرب إقليمية لا يمكن التكهن بمآلاتها ومداها الزمني»، مشيراً إلى أن موريتانيا «ستكون حتماً أول المتضررين منها، ولا يستفيد منها سوى الإرهاب أو الأجنبي». وشدد الحزب على رفضه القاطع لأي مشاركة موريتانية، «سواء بالجنود أو العتاد أو الدعم اللوجستي أو تقديم تسهيلات لأي تدخل عسكري في شمال مالي»، معتبراً ذلك «زجّاً بقواتنا المسلحة في أتون حرب خاسرة وتعريض أمننا القومي للخطر»،
وطالب الحزب الإسلامي دول الجوار والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بـ«بذل كل الجهود وممارسة جميع أشكال الضغط على الأفرقاء الأشقاء من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات وحل مشاكلهم بالحوار والتسوية الودية بدل الاحتكام إلى القوة واللجوء إلى العنف».