رحل المؤرخ البريطاني الماركسي إريك هوبسباوم، في لندن، أمس، عن عمر 95 عاماً، مخلفاً وراءه مؤلفات قيّمة في التاريخ والفكر السياسي، شهدت على أكثر القرون غرابة وفظاعة، حيث وقعت حربان عالميتان وكان صعود النازية والشيوعية وأفولهما، وتنقلت الرأسمالية من مرحلة لأخرى لتُصبح أكثر عمقاً وجشعاً. وأعلنت ابنته جوليا: «توفي (والدي) إثر التهاب رئوي في الساعات الأولى من الصباح». وأضافت أنها «خسارة كبيرة بالنسبة إلى مارلين زوجته منذ 50 عاما وأم أولاده الثلاثة وجدة أحفاده السبعة، وأيضاً إلى آلاف القراء والطلاب في العالم أجمع». وإريك هوبسباوم من المفكرين الماركسيين البارزين.
ولد في الإسكندرية في التاسع من حزيران 1917 من والدين يهوديين، وعاش بداية في فيينا في فترة ما بين الحربين العالميتين، قبل أن ينتقل إلى برلين عام 1931، ثم إلى لندن بعد عامين إثر وصول النازيين إلى سدّة الحكم.
درس التاريخ في جامعة كامبريدج، قبل أن يحاضر في كلية «بيركبيك» في لندن عام 1947. وعمل أيضاً مع جامعة «ستانفورد» ومعهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، فضلاً عن جامعات مرموقة في فرنسا والمكسيك.
كتب هوبسباوم أكثر من 30 مؤلفاً، نشر أولها في عام 1948، من أشهرها كتاب «ذي ايدجز أوف إكستريمز: ذي شورت توانتييث سنتشوري 1914 ــ 1991» الذي صدر عام 1994، والذي تُرجم الى أربعين لغة منها العربية والعبرية، وحصل على جوائز دولية عدة. يغطي هذا الكتاب ثمانية عقود من الزمن، بدءاً من الحرب العالمية الأولى حتى انهيار الشيوعية في أوروبا. أما آخر مؤلفاته فنشره في عام 2011. وفي ثلاثيته عصر الثورة وعصر الرأسمال وعصر الإمبراطورية، يروي تاريخ القرن التاسع عشر.
عكس من خلال هذه المؤلفات فكره الماركسي وتوجهاته الراديكالية الاشتراكية، إضافة إلى المحطات التاريخية الفاصلة التي عايشها، من الحربين العالميتين ونازية هتلر وتمدد الرأسمالية وتعمقها. قال مرة إنه «عايش تقريباً أكثر القرون الرهيبة وغير العادية في التاريخ البشري».
انضم هوبسباوم إلى الحزب الشيوعي في عمر الـ 14، بعدما تيتم وعاش مع عمه. في الثمانينيات من عمره، وفي كتاباته أقر بانهيار الشيوعية، لكنه قال إنه غير نادم على ماركسيته، وإنه لم يتخل عن أفكارها.
في نيسان، قال لأحد تلاميذه سيمون شاما، إنه يرغب في أن يُذكر «كشخص لم يترك العلم مرفوعاً فقط، بل كشخص أظهر أن التلويح بالعلم يمكن أن تحصل على شيء، إذا ترك كتباً مقروءة وجيدة».
(الأخبار)