إسطنبول | بعد عامين من المحاكمات المطولة، التي تضمنت 118 جلسة، أصدرت المحكمة الخاصة في إسطنبول، أمس، قراراتها التاريخية بحق عدد من الجنرالات المتهمين بالتخطيط لانقلاب عسكري على حكومة رجب طيب أردوغان عام 2003. وشملت قرارات السجن 334 ضابطاً من الرتب المختلفة، اتهموا بالمشاركة في خطة «المطرقة» وحكموا بالسجن لفترات تراوح بين 16 و 20 عاماً، ومن بين الضباط قائدا القوات الجوية والبحرية السابقان وقائد الجيش الأول في إسطنبول والأمين العام لمجلس الأمن القومي وعدد آخر من القيادات العسكرية المهمة، ومن بينهم ضابط كان قد انتخب لعضوية البرلمان في انتخابات تموز العام الماضي. كذلك قررت المحكمة براءة 34 من المتهمين من ذوي الرتب المختلفة. بالمقابل، رأى محامو الدفاع القرارات حلقة جديدة في مساعي الحكومة لإحكام سيطرتها على الدولة من خلال القضاء على المؤسـسة العسكرية وإقامة نظام ديكتاتوري لحزب العدالة والتنمية الحاكم. وأثارت القرارات نقاشات واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية، حيث نقلت جميع محطات التلفزيون وقائع المحكمة على الهواء مباشرةً، كذلك تظاهر أقرباء المتهمين أمام مبنى المحكمة وسط تدابير أمنية مشددة لمواجهة أي احتمالات مفاجئة.
وجاءت قرارات المحكمة كحلقة أخيرة في مساعي الحكومة للحد نهائياً من دور العسكر في الحياة السياسية من خلال كسر معنويات القيادات العسكرية والبعض منهم ما زالت محاكماتهم مستمرة بمن فيهم رئيس الأركان السابق الفريق أول أيلكار باشبوغ ونائب رئيس الأركان الأسبق الفريق أول شاويك بير وغيره من القيادات العسكرية الذين اعتقلوا خلال العام الماضي بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري على الحكومة.
ويرى مراقبون في قرارات المحكمة، وهي الأولى من نوعها في تاريخ الجمهورية التركية، الحلقة الأخيرة في مساعي رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لإحكام سيطرته على المؤسـسة العسكرية من خلال ربط رئاسة الأركان بوزارة الدفاع. وأشار المراقبون إلى تهرب واشنطن من التعليق على التطورات الأخيرة في تركيا، ورأوا ذلك موقفاً مؤيداً لأردوغان ضد المؤسـسة العسكرية التي كانت دائماً حليفاً استراتيجياً لواشنطن في تركيا منذ أن انضمت أنقرة إلى حلف شماليّ الأطلسي عام 1952. وكان الجيش قد حكم تركيا حكماً مباشراً وغير مباشر منذ قيام الجمهورية عام 1923، وقام بأربعة انقلابات عسكرية على الحكومات المدنية عام 1960 و 1971 و1980 و1997 ضد حكومة الإسلامي نجم الدين أربكان.
ومن المتوقع للمحكمة أيضاً أن تصدر قريباً قرارات مماثلة بحق قيادات عسكرية متهمة هي أيضاً بتهمة التخطيط لإطاحة الحكومة، ومن بينها رئيس الأركان السابق الفريق أول أيلكار باشبوغ.