تصاعدت حدة الأزمة بين الصين واليابان، أمس، حول جزر متنازع عليها في بحر الصين الشرقي بين البلدين، حيث أعلنت شركات يابانية تعمل في الدولة الشيوعية تعليق عملها بسبب اتسام بعض التظاهرات الحاشدة في بكين وعدد من المدن الصينية بالعنف تجاه المصالح اليابانية. وشهدت المدن الصينية الكبرى، ومنها بكين وشانغهاي وقوانغتشو، احتجاجات اتسم بعضها بالعنف، ضد شراء الحكومة اليابانية أجزاء من جزر متنازع عليها بين البلدين تعرف في الصين باسم «دياويو»، وفي اليابان باسم «سينكاكو». وقررت الصين على الفور إرسال بوارج عدة الى الموقع لإظهار ملكية الصين لهذه الجزر والتأكيد أن الصين لن تتخلى «أبداً عن أي شبر» منها بحسب تعبير رئيس الوزراء ون جياباو.
وفي بكين، تجمع نحو 100 متظاهر في مجموعتين أمام السفارة اليابانية وسط وجود أمني كثيف أمس، وساروا أمام المبنى ورشقه بزجاجات الماء، فيما شوهدت مروحية تحلق مراراً فوق المتظاهرين. واعتقلت الشرطة الصينية 11 شخصاً لتورّطهم بأعمال عنف خلال الاحتجاجات التي قامت في مدينة قوانغتشو.
وحول احتمال فرض عقوبات اقتصادية على اليابان، قالت صحيفة «الشعب» الصينية إنه «في أجواء الخلاف الذي يتعلق بسيادة الأراضي، إذا استمرت اليابان في استفزازاتها، فإن الصين حتماً ستدخل في النزاع».
في هذا الوقت، أعلنت شركتا «كانون» و«باناسونيك» اليابانيتان، تعليق العمل في مصانعهما في الصين، أمس، وسط تصاعد المخاوف بسبب التظاهرات الحاشدة المعادية لطوكيو في ثاني أكبر اقتصاد عالمي.
ويتوقع أن تشهد الصين موجة جديدة من التظاهرات اليوم تتزامن مع ذكرى «حادث موكدين»، الذي وقع عام 1931 وأدى الى غزو اليابان لمنشوريا، والذي تحييه الصين كل عام.
وكانت بكين قد تعهدت أمس بحماية المواطنين اليابانيين والممتلكات وحثت المحتجين المعادين لليابان على التعبير عن أنفسهم «بطريقة منظمة وعقلانية وقانونية». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي للصحافيين في إفادة يومية إن الأمر متروك لليابان لتصحيح سبلها وإن اتجاه التطورات في أيدي اليابان الآن.
ويتخذ البلدان منذ أسابيع عدة مواقف شديدة من خلال تنظيم أو تشجيع «رحلات» بحرية حول الأرخبيل الواقع على بعد نحو 200 كيلومتر شرق سواحل تايوان، البلد الثالث الذي يطالب أيضاً بالجزر، وعلى بعد 400 كيلومتر غربي جزيرة أوكيناوا جنوب اليابان.
وفي طوكيو، ندد وزير الخارجية الياباني، كويشيرو غيمبا، بهذه التظاهرات التي «بلغت مستوى لم نشهده من قبل وتحول بعضها الى أعمال شغب».
وأعلن أن اليابان ستحافظ على هدوئها وستتعاون «مع الولايات المتحدة حتى لا تتأثر العلاقات بين اليابان والصين على نحو بالغ» جراء الأزمة الحالية، مشيراً الى أن «من مصلحة الجميع أن تحافظ اليابان والصين على علاقات طيبة».
وكان كويشيرو قد التقى في طوكيو وزير الدفاع الأميركي، الذي دعا «جميع الأطراف الى الهدوء وضبط النفس» غداة تحذيره من أن «أي قرار خاطئ من أحد الجانبين يمكن أن يؤدي الى إشعال العنف». بانيتا، الذي توجه الى الصين لاحقاً، شدد على أن «من مصلحة الجميع أن تحتفظ اليابان والصين بعلاقات جيدة وأن يتم التوصل الى وسيلة لتفادي المواجهة».
وأضاف إن التزام الولايات المتحدة تجاه اليابان هو بموجب اتفاقية دفاع متبادل، ثابت. وقال «نحن نحترم التزاماتنا المرتبطة بالمعاهدات، وهي قائمة منذ أمد بعيد ولن تتغير»، مضيفاً إن النزاع حول الأرخبيل «يمكن أن يتسع».
من جهة ثانية، أعلن وزير الدفاع الأميركي، أن واشنطن وطوكيو وافقتا على نشر منظومة دفاع ثانية في اليابان بهدف حمايتها من خطر صواريخ كوريا الشمالية. ونقلت وسائل إعلام يابانية عن بانيتا، قوله، في بيان صحافي مشترك مع نظيره الياباني ساتوشي ماريموتو، إن «اتفاقية تركيب منظومة الدفاع الثانية تهدف إلى زيادة قدرتنا على الدفاع عن اليابان».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)