نواكشوط | في تطور غير مسبوق لم تشهده علاقات موريتانيا مع جارتها مالي التي تشترك معها في حدود تزيد على ألفي كيلومتر، بدأ الموريتانيون أمس عمليات نزوح واسعة من مالي، بسبب الحادث الذي أودى بحياة نحو ستة عشر من أعضاء جماعة الدعوة والتبليغ كانوا في طريقهم إلى العاصمة المالية باماكو للمشاركة في لقاء دعوي، علي يد الجيش المالي. وقال شهود عيان لـ«الأخبار» إن مزارعين وتجاراً في طريقهم إلى موريتانيا ضمن عملية نزوح كبيرة بعد حادثة إطلاق النار على الدعاة أول من أمس. وذكر الشهود أن النازحين يخشون حصول مضايقات من طرف الأمن المالي في حال تأزّمت العلاقة بين مالي وموريتانيا، يأتي ذلك وسط حديث عن معاملة غير لائقة للموريتانيين الراغبين في العودة إلى وطنهم على نقاط التفتيش في الاراضي المالية.
ووسط الغضب الذي تعيشه العاصمة الموريتانية وبعض مدن الداخل بسبب مقتل تبليغيين موريتانيين على يد سلطات باماكو، وعد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خلال تقديمه التعازي لزعماء الدعوة والتبليغ باتخاذ قرار في نهاية التحقيق الجاري بشأن القضية.
بدورها، طالبت الحكومة الموريتانية بإلحاح بإجراء تحقيق مستقل وفوري في ملابسات الجريمة يجري إشراكها فيه، معربةً عن استيائها الشديد من هذه الجريمة النكراء التي ارتكبت بدم بارد.
ولاقت الجريمة تنديداً واسعاً من المعارضة والموالاة، ووصف الحزب الموريتاني الحاكم، الاتحاد من أجل الجمهورية، الحادث بـ«المجزرة الوحشية» التي تتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وعلاقات حسن الجوار وكل «القيم والأعراف» و«القوانين والاتفاقيات والمواثيق الدولية»، كما أنها «تمت في ظروف مؤلمة وبشعة وبوحشية بادية».
بدوره، ندد حزب اتحاد قوى التقدم، الموريتاني اليساري المعارض، بشدة بما سمّاه «الفعل الإجرامي»، محذراً جميع الأطراف من «استغلال هذه الحادثة الأليمة لتوتير الوضع بين البلدين الجارين»، اللذين تربطهما مصالح قوية لا يجوز أن تعبث بها «أيادي الصيادين في المياه العكرة، بل تجب المحافظة عليها والنأي بها عن الأغراض الضيقة العابرة».
كذلك ندّدت رابطة شيوخ المحاظر التي تضم علماء الشريعة الإسلامية بشدة بما قام به حرس الحدود المالي ضد البعثة الدعوية، ووصفت فعلته بـ«الدنيئة والشنيعة». وحمّل بيان للرابطة الحكومة المالية «المسؤولية الكاملة. وذكر مصدر من جماعة الدعوة والتبليغ في نواكشوط أن ضحايا المجزرة أبلغوا رفاقهم في اتصال هاتفي أنه جرى توقيفهم من طرف الوحدة العسكرية المالية، قبل إعدامهم.
وفي شمال مالي، وصفت حركة أنصار الدين، التي تسيطر مع الجماعات المسلحة الأخرى على إقليم أزواد، الحادثة بالجريمة المنكرة، قائلةً إن الضحايا أعدموا بدم بارد ووحشية منقطعة النظير.