تصاعدت حدة التوتر السياسي، أول من أمس، بين القيادة الفلسطينية وحكومة «حماس» في غزة، على خلفية دعوة رئيس الحكومة المُقالة إسماعيل هنية لحضور قمة عدم الانحياز في طهران في 30 و31 آب الحالي، حيث هدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعدم المشاركة في هذه القمة إذا حضرها هنية الذي أكد في البداية مشاركته، قبل أن تفيد مصادر مقربة من حماس أمس بأنه لن يشارك في القمة، بعدما أكدت طهران أنها لم تدعه رسميّاً. وقال المركز الفلسطيني للإعلام، المقرّب من حركة حماس، على موقعه الإلكتروني، إن «مشاورات مكثفة تمت في الساعات الأخيرة بين الأطر العليا في قيادة الحركة (حماس) والحكومة الفلسطينية في غزة، أدّت إلى اتخاذ قرار بعدم المشاركة في قمة دول عدم الانحياز المُزمع عقدها في طهران أواخر الشهر الجاري».
وأوضح المركز، حسب مصادر مطلعة في «حماس»، «أن عاملين رئيسيين كانا سبباً في اتخاذ هذا القرار، أوّلهما الحرص على توحيد الصف الفلسطيني وعدم ترسيخ الانقسام والحرص على عدم ظهور غزة كأنها كيان منفصل عن الوطن، والعامل الثاني هو الموقف الحالي مما يجري في سوريا، والتباين الحاصل في المواقف إزاء الأزمة واستمرار سفك الدماء».
بدوره، أكد المتحدث باسم قمة عدم الانحياز في طهران، محمد رضا فرقاني، أن «الجمهورية الإسلامية لم ترسل حتى الآن أي دعوة رسمية الى رئيس وزراء حماس». وأضاف أنه «وحده الرئيس الفلسطيني محمود عباس دُعي إلى القمة» بوصفه الممثل الرسمي للكيان الفلسطيني الذي يُعتبر أحد أعضاء حركة عدم الانحياز.
إلا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، أوضح لوكالة «فرانس برس» أن «السيد هنية تلقى دعوة باعتباره ضيفاً خاصاً فقط».
أما المتحدث باسم الحكومة المقالة في غزة، طاهر النونو، فكان قد أعلن أن هنية قرر حضور القمة بناءً على دعوة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
وقال النونو لـ«فرانس برس» في غزة، إن هنية «سيشارك في قمة طهران تلبية لدعوة الرئيس أحمدي نجاد بصفته رئيس وزراء منتخباً من الشعب الفلسطيني، وندعو لاحترام إرادة شعبنا واختياره الديموقراطي».
في المقابل، قال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، لوكالة «فرانس برس»، إن «الرئيس عباس لن يشارك في قمة عدم الانحياز إذا حضرها إسماعيل هنية، بغض النظر عن شكل حضوره أو طبيعة مشاركته». ورأى أن «حضور أي فلسطيني خارج الوفد الرسمي الذي يسميه الرئيس عباس هو محاولة لضرب صفة التمثيل لمنظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين للشعب الفلسطيني، وهي محاولة مرفوضة تماماً من أيّ جهة كانت».
وسارعت حكومة «حماس» إلى الرد على تصريحات المالكي، على لسان المتحدث باسمها، قائلاً إن هذه التصريحات «تعبّر عن النيّات الحقيقية له ولعدد من المسؤولين مثله تجاه المصالحة»، ومشيراً الى افتقارهم إلى «مبدأ التعامل مع الآخر».
من جهتها، علّقت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بالقول، في بيان، إن هذه الدعوة «تشير إلى انضمام إيران إلى أهداف الجوقة الإسرائيلية المعادية، والهادفة، مهما اختلفت المصالح، إلى زعزعة النظام السياسي وشرعياته المنتخبة». وأكد البيان أن «القيادة الفلسطينية ستتخذ على ضوء خطوة النظام الإيراني مجموعة من الخطوات الهادفة الى حماية مصالح شعبنا وتمثيله الوطني الواحد الموحد».
بدوره، رأى رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض أن «هذه الدعوة تمثل ضربة لأحد أبرز منجزات شعبنا الفلسطيني، ألا وهو وحدانية التمثيل الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا». وناشد فياض هنية «أن يغلّب وطنيته على أي اعتبارات أخرى»، معتبراً أن رفضه دعوة الرئيس الإيراني «ستُسجّل له كموقف تاريخي».
(أ ف ب، الأخبار)