في حال فوز الجمهوري ميت رومني بالانتخابات الرئاسية الأميركية في السادس من تشرين الثاني المقبل، فإن نائبه بول راين (الصورة) سيتوّج مسيرة بدأت منذ 23 عاماً. مسيرة بدأها موزعاً للبريد داخل مبنى الكونغرس، وأنهاها رئيساً للجنة الموازنة في مجلس النواب الأميركي، قبل أن يختاره ميت رومني ليخوض معه الانتخابات.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح اسم راين متلازماً مع الموازنة، وخصوصاً مشروعه الذي اقترحه لتخفيض العجز ورفض من قبل الديموقراطيين والرئيس الأميركي باراك أوباما. وربما كانت عبارة «موازنة راين» (The Ryan Budget) أكثر ما استخدمت في السنوات الماضية في وسائل الإعلام كلما حان وقت مناقشة الموازنة الأميركية الجديدة.
راين، الذي يبلغ من العمر 42 عاماً، استطاع بعد بداياته في توزيع البريد حين كان يبلغ التاسعة عشرة من العمر، أن ينتقل للعمل في أحد مراكز الأبحاث المرتبطة بالكونغرس ليعود الى الكونغرس مساعداً لأحد الشيوخ (سام براونباك، حاكم كانساس الحالي). أدى ذلك الى تعرفه الى النائب مارك نيومان الذي كان يمثل مدينة راين في مجلس النواب الأميركي. نيومان أراد الانتقال الى مجلس الشيوخ فطلب من راين الترشح مكانه، وهكذا كان. حينها كان راين يبلغ السابعة والعشرين، واستطاع النجاح 7 مرات متتالية إلى مجلس النواب الأميركي.
لكن نجم راين لم يسطع إلا في 2006، حين خسر الحزب الجمهوري 30 مقعداً في مجلس النواب بعد الانتخابات التشريعية وفقد أغلبيته، لأسباب عديدة تضافر فيها الاقتصادي بالسياسي. حينها كان مسؤولو الحزب يبحثون عن وجه جديد فاختير راين ليكون أعلى نائب جمهوري مرتبة في لجنة الموازنة. ومنذ ذلك الوقت أصبح راين من الوجوه المعروفة جداً في الكونغرس، وتكرس ذلك مع تعيينه رئيساً للجنة الموازنة.
ويقول البعض إنّ راين هو شخص دائم الاستعجال، يريد قطع المراحل بسرعة، وقد يضر ذلك بمستقبله السياسي. الى جانب ذلك، قضى الرجل أغلب حياته في أروقة الكونغرس، ولا يعرف غيره، وقد يؤدي ذلك الى صعوبة سيعانيها في بداية حياته الجديدة نائباً للرئيس (بالطبع في حال فوز رومني). ويقول بعض المقربين منه إنّه يشعر بأن لا أحد يفهمه، وهو دائماً على حق، وسيظهر ذلك في حال عدم سيطرته على نفسه في ما تبقى من الحملة الرئاسية. ومما تدل عليه حياته المهنية، من الواضح أنّه طموح جداً، وقد يكتشف ذلك رومني متأخراً إذا فاز أو إذا لم يفز، إذ قد يكون راين راغباً في تجربة حظه في الرئاسيات في 2016.
وفي كل الأحوال، قد تكون العلاقة بين رومني وراين صعبة بعض الشيء. إذ الى جانب فارق العمر بينهما (راين في عمر ابن رومني الكبير، تاغ) اختلاف شخصيتيهما وخلفيتيهما السياسية والعائلية قد يقف حجر عثرة في الطريق الى البيت الأبيض.
فرومني بطبعه شخص يحب إعطاء الأوامر، وهذا ما قد يجده راين صعباً عليه، كما أنّ رومني يأتي من عائلة غنية وصرف حياته في إدارة الشركات، ووالده كان سياسياً معروفاً في الخمسينيات، فيما راين عمل طيلة عمره كي يتقدم في الحياة بعد وفاة والده وهو في السادسة عشرة من عمره.
لكن التحدي الأكبر في العلاقة بين الاثنين هو «موازنة راين» (The Ryan Budget). إذ بنى راين شهرته كلها، التي أدت إلى اختياره من قبل رومني، على موضوع الخفوضات الضريبية على الشركات والمواطنين ذات المداخيل المرتفعة وتغيير نظام الرعاية الصحية وتخفيض الإنفاق الحكومي.
خطته تلك متطرفة إلى درجة لم يستطع الجمهوريون إمرارها في الكونغرس العام الماضي، رغم سيطرتهم على غالبية مجلس النواب. وتدخل الرئيس الأميركي
ليرفضها.
وكان رومني بعد إعلانه اختيار راين رفيقاً له في انتخابات 6 تشرين الثاني قد قال إنّه سيعد خطته المالية الخاصة في حال انتخابه رئيساً، فهل ينذر ذلك بمواجهة مع راين في حال وصول الاثنين الى البيت الأبيض في الخريف المقبل؟