تتمحور التقارير الإسرائيلية حول تداعيات تطور مُفترض في البرنامج النووي الايراني بين من يعتبر بأن السيف الإيراني المسلط، أشد وأمضى على إسرائيل مما كان عليه وضعها عشية حرب حزيران الـ67، وآخر يكشف عن تحقق ما كانت تخشاه إسرائيل بنصب ايران 5000 جهاز طرد مركزي في منشأة «فوردو» الأكثر تحصيناً، وصولاً إلى اتهام وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك، لقيادة الجيش الإسرائيلي بأن صدمة حرب العام 2006، تمنعهم من تأييد مهاجمة إيران.
في هذه الأثناء، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن «الوضع الأمني لإسرائيل اليوم، والسيف الإيراني المسلط على رقابنا، أشد وأمضى مما كان عليه قبل حرب حزيران 1967». فيما اعتبرت محافل أميركية، ضليعة في المعلومات الاستخبارية المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة، ــ بحسب ما نقله المعلق الأمني في صحيفة يديعوت احرونوت، رونين بيرغمان ــ، بأن جدوى العملية العسكرية الإسرائيلية بات مشكوك فيها، بعدما اقترب النظام الإسلامي في ايران من «مجال الحصانة»، الذي يجعل المشروع النووي الايراني محصّناً من أي هجوم اسرائيلي.
في السياق نفسه، ما كانت تخشى من حصوله إسرائيل تحقق في الفترة الأخيرة إذ أكدت «يديعوت» أن إيران نصبت في الفترة الأخيرة نحو 5000 «جهاز طرد مركزي توأم» في منشأة فوردو بالقرب من مدينة قم، الأكثر تحصيناً من أي هجوم عسكري وصاروخي، ووضعتها موضع التنفيذ. وأضافت الصحيفة الاسرائيلية أن هذه الأجهزة المنصوبة، تعمل بشكل أكثر نجاعة وسرعة. وأكدت أن إدخال هذه الأجهزة في منشأة فوردو، يجعلها «مُحصنة جزئياً على الأقل» من أي هجوم إسرائيلي، مضيفة أن معلومات مختلفة وصلت في الفترة الأخيرة، أدت إلى تفاقم صورة الوضع لدى كل من واشنطن وتل أبيب، خاصة وأن المخزون اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة، لدى ايران، ارتفع من 140 كيلوغراماً إلى 170، بما يسمح لها بإنتاج قنبلتين إلى ثلاث قنابل نووية.
في الإطار نفسه، أكد المعلقان السياسيان في «يديعوت»، ناحوم برنياع وشمعون شيفر، أنه لو كان قرار مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، متعلقاً بنتنياهو ووزير الدفاع، فمن المؤكد تنفيذه خلال الأشهر المقبلة، الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني. لكن المسألة التي لا تقل أهمية عن كون أرفع شخصيتين مصممين على قرار الهجوم، هي أن أحداً من القادة الكبار، في قيادة الجيش والأجهزة الأمنية، بل ورئيس الدولة شمعون بيريز، لا يؤيد هجوماً إسرائيلياً في المرحلة الحالية.
وأكدت الصحيفة حقيقة أن «طرفي الخلاف (العسكري والسياسي) يتفقان على أن الأمر سيكون صعباً بل ربما سيكون صعباً جدا، لكن السؤال الاساسي يتمحور حول ما إن كان تأخير البرنامج النووي يتناسب مع الكلفة التي ستدفعها إسرائيل». وحول ذلك، يجيب قادة الأجهزة الأمنية الكبار بـ«لا»، أما نتنياهو وباراك فيجيبان بـ«نعم».
إلى ذلك، أوضحت «يديعوت احرونوت» بأن باراك، «ينسب معارضة العملية العسكرية (ضد ايران) إلى الصدمة التي خلفتها حرب لبنان الثانية» في العام 2006، اذ ايد في حينه جميع المشاركين في القرارات الخروج الى الحرب، من وزراء الحكومة إلى أصغر مسؤول في المستوى المهني. لكن بعدما تعقدت الحرب شعروا بأنهم ساروا مثل القطيع وراء إرادة رئيس الوزراء وندموا. وبالتالي النتيجة التي خلص إليها باراك أن «درس العام 2006، يسيطر على القيادة العليا في العام 2012».
ولمعالجة هذه العقدة، كشفت «يديعوت» عن أن باراك جمع جنرالات الجيش في جلسات نقاش متوالية وعميقة، تناولت الشأن الايراني، في الطابق الـ14 من مبنى وزارة الدفاع، لكن «معارضتهم» للهجوم العسكري على ايران كانت «قوية ولا هوادة فيها». ثم غير باراك مكان النقاش، انطلاقاً من ان «تغيير المكان يغيّر الحظ»، فجمعهم لنقاش مفتوح، في موقع الموساد في غليلوت، ليس فيه برنامج عمل، لكن النتائج كانت مشابهة للنقاش السابق. وأضافت «يديعوت» أن باراك استنتج بأن السؤال حول ما ستفعله العملية الإسرائيلية في إيران، احتل مكاناً ثانوياً خلال نقاشه مع الجنرالات، وأن السؤالين اللذين يقلقانهم هما الخروج بعملية رغم معارضة الولايات المتحدة، وماذا سيحدث في اليوم التالي في إسرائيل. ولفتت الصحيفة أيضاً إلى حقيقة أنه «لا نقاش بأن الإيرانيين سيردون مباشرة وعبر حزب الله، وقد يتطور الرد ليصبح حرباً اقليمية وتضرب الجبهة الداخلية يومياً بحيث يقتل فيها الناس وتهدم فيها البيوت ويعاني منها الاقتصاد».
وحول ذلك يقول باراك «صحيح لن تكون نزهة، ولكن إسرائيل لن تخرب». كما لفت باراك إلى ان حزب الله قد يشن هجوماً بالصواريخ على إسرائيل من دون أن تهاجم الأخيرة ايران. وبحسب «يديعوت»، يصر باراك على ضرورة ألا تسمح إسرائيل لنفسها بفقدان حرية القرار، بسبب نصب عشرات آلاف الصواريخ في لبنان، فحرية القرار أهم من هدوء الجبهة الداخلية.
من جهة أخرى، لفتت الصحيفة نفسها إلى حقيقة انه «يكثر في الولايات المتحدة المقتنعون، من ضمنهم جهات داخل الإدارة، بأن العملية العسكرية التي يدفع باتجاهها نتنياهو وباراك، تستهدف أمراً واحداً هو جر الأميركيين إلى حرب على إيران بخلاف إرادتهم، فإسرائيل ستتورط ويضطر الأميركيون إلى العمل».
الى ذلك، دعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، الى عدم زيارة ايران للمشاركة في قمة لدول عدم الانحياز مقررة في نهاية الشهر، معتبراً ان هذه الزيارة ستكون «خطأ كبيراً».
واورد بيان لمكتب نتنياهو انه خلال اتصال هاتفي مع بان، «قال رئيس الوزراء.. انه لا يرى اي سبب لزيارته (بان) بلداً قادته معادون للسامية وهدفهم تدمير اسرائيل».