حذر رئيس شعبة الإستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، اللواء هرتسي هليفي، من التطور العلمي المطرد للجمهورية الإسلامية الإيرانية، واصفاً إياه بالخطر الذي يحدق بإسرائيل، وأشار إلى أن الإيرانيين ينجحون باللحاق بـ«الدولة العبرية» علمياً، وهم قادرون على سد الفجوة سريعاً بين الجانبين.
تحذير هليفي ورد في سياق محاضرة مغلقة ألقاها في تل أبيب، يوم الخميس الماضي، وأوردت صحيفة «هآرتس» مقاطع منها أمس، واصفةً كلامه بأنه استثنائي، لأنه يحرص على النقيض من سلفه، اللواء أفيف كوخافي، على البقاء بعيداً عن الإعلام. وأشارت «هآرتس» إلى أن هليفي لم يتطرق كثيراً إلى التقديرات الإستخبارية حول الأوضاع القائمة والتهديدات التي تواجهها إسرائيل، وكاد كلامه يقتصر على «شرح لافت» لأمور لم يعتد الإعلام من قبل سماعها من شخصيات في منصبه.
وقال هليفي: «تسألونني إن كانت الحرب ستنشب بيينا وبين إيران خلال الأعوام العشرة المقبلة، وإجابتي ستكون مفاجئة لكم، فنحن نخوض حرباً مع إيران، إلا أنها ليست حرباً عسكرية مباشرة، بل هي حرب تكنولوجية، إذ إن مهندسينا يقاتلون المهندسين الإيرانيين اليوم، وهذه الحرب ستتحول إلى أكثر ضراوة لاحقاً».
ووصف هليفي تقدير الوضع التكنولوجي بين إسرائيل وإيران بعبارات مليئة بالتشاؤم، إذ أشار إلى أن الحرب التي يخوضها الجانبان في الميدان التكنولوجي تتمحور حول الإستخبارات والأسلحة والقدرات العسكرية التي يملكانها. وقال «نتمتع حالياً ببعض التفوق، إلا أن إيران تلحق بنا وبسرعة. لقد تضاعف عدد الجامعات وعدد الطلاب الجامعيين في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979 ولغاية اليوم بنحو عشرين ضعفاً، بينما تضاعفت هذه المعاهد والجامعات في إسرائيل فقط ثلاثة أضعاف ونصف ضعف»، مضيفاً «إننا نخوض حرباً تكنولوجية مع إيران، وهي حرب في غاية الأهمية، وعدد الطلاب الإيرانيين الذين يلتحقون بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وصل إلى حدود السماء».
وتطرق هليفي للهبة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، مشيراً إلى أنها تسببت بحالة عارمة من القلق لدى الإسرائيليين، ولو كان هذا القلق قائما عام 1948، لما تمكنت إسرائيل من الانتصار في الحرب آنذاك، وما كانت لتعلن الدولة.
وحول الحرب المقبلة التي يمكن أن تخوضها إسرائيل، أشار هليفي إلى أنها ستكون «مؤلمة جداً... صحيح أنه سقط قتيل واحد لإسرائيل في حرب عام 1973 في الجبهة الداخلية بسبب صاروخ واحد سقط على منازل الطيارين آنذاك، إلا أن الوضع سيكون مغايراً في الحرب المقبلة». وأضاف «لم يعد مهماً كم هو العدد الذي نقتله في الجانب الثاني، أو العدد الذي يقتلونه هم لدينا، ولم يعد مهماً إلى أي مدى تمكنت من التوغل في أراضي العدو، أو أين زرعت علم بلادك.. فنحن نتعرض في الآونة الأخيرة، وأنا أيضاً، إلى غسيل دماغ حين نشاهد فيديوهات عمليات الطعن مرة تلو الأخرى ويمتلكنا القلق... وأعود لأقول أنه لو كانت هذه الفيديوهات موجودة إبان حرب 1948، لما تمكنا من الانتصار فيها».
ولفت هليفي إلى صعوبة الجمع الإستخباري في مقابل الأعداء، قياساً بالواقع الإستخباري قبل عقد أو عقدين من الزمن، وذلك بسبب التغيير والتطور التكنولوجي السريع، وقال إن «نفس كيلو غرام من المعلومات الإستخبارية يكلف اليوم أكثر مما كان يكلف قبل عشر سنوات، وليس هذا فقط، بل بات تاريخ صلاحية هذه المعلومات محدودا زمنياً». وأضاف «كنا قبل عشرين نحقق إنجازاً إستخبارياً، فكنا نشعر بالراحة لمدة 5 إلى 7 أعوام تالية، أما اليوم فمن الممكن أن تبذل جهداً عسيراً يشمل الأنفاق وتعريض حياة عملائك للخطر وتقوم بجميع أنواع المناورات من أجل الحصول على معلومة، وسرعان ما تكتشف أن قيمة هذه المعلومة تتبدد بسرعة، بسبب التحولات التكنولوجية المتسارعة».
إلى ذلك، ذكرت القناة الثانية العبرية، أمس، أن قسم حماية المعلومات في شعبة الإستخبارات العسكرية، أصدر تعميماً لجميع الضباط والجنود في الجيش الإسرائيلي، حذرهم فيه من محاولة جهات معينة تجنيدهم لمصلحة وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، مشيرةً إلى أنه طلب من العسكريين إظهار اليقظة والحيطة مما يجري حولهم، وإفادة المسؤولين عنهم حول أي حدث خارج عن المألوف يعترضهم، سواء خلال الخدمة أو خارجها.