نواكشوط | وسط احتقان غير مسبوق بين حركة أنصار الدين المتشددة، والحركة الوطنية لتحرير الأزواد، يبدو أن شمال مالي لن يستريح من لعنة الحرب التي حالت دون تنميته منذ عقود. وفي خضم الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، باتت الدهشة بادية على وجوه من حلموا بالراحة لدى إعلان الدولة الجديدة في شمال مالي قبل أربعة أشهر. ويبدو واضحاً أن الطرفين يستعدان لحرب بالوكالة عن القاعدة والغرب، في هذه المنطقة الفقيرة من القارة السمراء، التي تستهوي واشنطن، من خلال استعادتها لإقامة قواعد عسكرية في بعض دول المنطقة. وفيما يتبادل الفصيلان التهم تارةً، والقذائف تارةً أخرى، كشف المسؤول الإعلامي لحركة أنصار الدين، سنده ولد بواعمامة، عن وجود وساطة بين حركته والحركة الوطنية لتحرير أزواد، معتبراً أن المشكلة القائمة بين الطرفين في طريقها إلى الحل.
وتحفظ ولد بواعمامة عن الخوض في تفاصيل هذه الوساطة، وما إذا كانت ستعيد الحركة الوطنية لتحرير أزواد إلى الأماكن التي كانت تسيطر عليها داخل المدن الأزوادية. واكتفى بالقول «بالنسبة إلى العودة إلى المدن، هذه قضية أخرى».
كذلك تحفظ ولد بواعمامة عن الحديث عن تفاصيل وفد حركته، الذي بدأ جولة دولية، وعن تاريخ وصول الوفد إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، قائلاً «اسألوا الموريتانيين متى سيصل الوفد»، مستدركاً بالقول «ما أعرفه هو أن وفداً من حركة أنصار سيزور ساحل العاج ونواكشوط وعدداً من دول الجوار، دون تفاصيل أخرى».
وسخر ولد بواعمامة من اتهام المحكمة الجنائية الدولية لحركته بارتكاب «جرائم حرب»، جراء تدميرها للأضرحة في تمبكتو، قائلاً «ما دامت المحكمة تعتبرها جريمة حرب، فلماذا لا تعاقب مرتكبيها؟»، مضيفاً «على المحكمة الجنائية أن تعاقب مرتكبي الجرائم الحقيقية».
وأكد ولد بواعمامة أن حركته في تمبكتو، أكملت تدمير خمسة عشر ضريحاً حتى الآن، مشيراً إلى أن العملية قاربت الاكتمال. ووفقاً لولد بواعمامة، «الأضرحة التي تعبد من دون الله لا يتجاوز عددها ستة عشر ضريحاً»، مشيراً إلى أن «العدد الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام، والذي يصل إلى ثلاثمئة وثلاثة وثلاثين ضريحاً يمثل عدد القبور الموجودة داخل المدينة عموماً».
ووسط هذه التطورات، يسعى المجتمع الدولي إلى البحث عن حل لأزمة شمال مالي. واستقبل الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، رئيس جمهورية غينيا ألفا كوندي، وبحثا تطورات الأوضاع فى دولة مالي ومنطقة الساحل الأفريقي، حيث أعربا عن إدانتهما لأعمال العنف التي تشهدها شمال مالي وتمبكتو، والدمار الوحشي الذي استهدف المعالم التاريخية والحضارية في مالي.
وأكد رئيسا فرنسا وغينيا أنه لا يمكن قبول هذه الأعمال «التي تدل على الافتقار التام لاحترام الحياة والكرامة الإنسانية من قبل الجماعات الإرهابية التي تسيطر على شمال مالي».
كذلك شدد هولاند وكوندي على المبادئ الأساسية لتسوية الأزمة في مالي، والتي تتضمن خريطة طريق للحكومة الانتقالية، وعودة الجيش إلى الثكن، وإصلاحه إلى جانب الحفاظ على سلامة الأراضي المالية ومكافحة الإرهاب في مالي وجميع دول المنطقة.
وفي السياق، أعلن رئيس الحكومة الفرنسية، جان مارك آيرولت، أن فرنسا مصممة على «منع مجموعات مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» من إقامة «معاقل للإرهاب الدولي في شمال مالي تهدد السلام والازدهار في كل أرجاء المنطقة، (كما تهدد) أمننا بالذات».
واعتبر رئيس الوزراء الفرنسي أمام النواب «أن تدمير أضرحة أولياء في تمبكتو، يذكّر بأننا نواجه أكثر القوات ظلامية».
بدورها، أكدت الجزائر ضرورة إيجاد حل دبلوماسي للأزمة المالية. وشدد وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، بعد لقاء جمعه بنظيره المالي ساديو لمين صو، في الجزائر، على رغبة البلدين في الوصول إلى حل دبلوماسي. وأشارا إلى وجود «التقاء في وجهات النظر بخصوص أهمية إيجاد حل سياسي يضمن الوحدة الوطنية للأراضي المالية».