بدا الرئيس الروسي حازماً في كيفية التعاطي مع كل ما يعترض طريق روسيا باعلانه أنه لن يدع الاضطرابات الاجتماعية تؤدي إلى اضعاف البلاد، في وقت تظاهر عشرات الآلاف ضده في موسكو. وشدد بوتين، في حفل استقبال لمناسبة العيد الوطني الروسي أمس، على أن «كل ما يضعف روسيا ويقسم المجتمع غير مقبول بالنسبة الينا. وأيّ قرار او إجراء يؤدي إلى تقلبات اجتماعية واقتصادية غير مقبول». واعتبر أن النقاشات الساخنة حول الوضع الحالي لروسيا ومستقبلها أمر طبيعي في دولة ديموقراطية، لكنه دعا جميع القوى السياسية إلى الحوار والبحث عن حلول وسط.

وأضاف بوتين، خلال حفل رسمي أقيم لتوزيع أوسمة الدولة على عدد من الفنانين الأدباء والعلماء، أن العالم يشهد في الوقت الراهن تغيرات جذرية، مؤكداً أن روسيا يجب أن تحتل مكاناً مرموقاً في هذه العمليات وأن تكون منفتحة على كل ما هو جديد، لكن مع الاعتماد على الاستقرار الذي حققته خلال السنوات الماضية. واعتبر أن هذا الاستقرار سيشكل قاعدة لإتمام عمليات تحديث الاقتصاد وإصلاح المنظومة السياسية والعلاقات الاجتماعية بنجاح. وتطرق بوتين الى الإصلاحات الديموقراطية التي بدأت السلطة تنفيذها، ومنها عودة انتخاب رؤساء الأقاليم عبر الاقتراع الشعبي المباشر، وتبني قانون يسهل إنشاء أحزاب جديدة. وأضاف أن هذا التوجه يتطلب من السلطة على جميع مستوياتها الانفتاح وإجراء حوار مستمر مع المجتمع. وشدد بوتين على ضرورة حل المشاكل الملحة التي تقلق المواطن الروسي ومنها تحسين التعليم والرعاية الصحية في البلاد وظروف المساكن ومستوى اداء الشرطة والأجهزة الأمنية.
بالمقابل، تظاهر آلاف من المحتجين في مسيرة مناهضة لبوتين في وسط موسكو شعارها «مسيرة الملايين» للمطالبة بتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة وإجراء إصلاحات ديموقراطية واسعة النطاق في البلاد، مرددين شعارات «من أجل روسيا حرة من أجل روسيا بدون بوتين». وشارك ابرز قيادات المعارضة في المسيرة، مثل يفغينيا تشيريكوفا والسياسي الليبيرالي بوريس نيمتسوف وزعيم «الجبهة اليسارية» سيرغي اودالتسوف الذي طالب السلطات بالإفراج عن المعتقلين بتهمة المشاركة في الاشتباكات التي اندلعت بين المتظاهرين والشرطة أثناء المسيرة الاحتجاجية السابقة التي نظمتها المعارضة يوم 6 أيار الماضي.
وقدرت وزارة الداخلية الروسية عدد المشاركين في الفعاليات الاحتجاجية بنحو 20 ألف شخص، بينما تحدث شهود عيان عن 30 ألفا شخص وحتى 50 ألفاً. ومن المقرر أن توافق جميع أطياف المعارضة المشاركة في المظاهرة على «بيان روسيا الحرة»، الذي ينص على إنشاء مجلس تنسيق بين ممثلي القوى السياسية المختلفة والمجتمع المدني من أجل تنظيم الاحتجاجات المقبلة وممارسة الضغط على السلطات بنحو سلمي. ويطالب مشروع البيان البرلمان الروسي الحالي بوضع قانون جديد للانتخابات يضمن إجراء انتخابات مبكرة نزيهة لانتخاب برلمان جديد يتولى وضع مسودة دستور جديد، وتبني قانون جديد حول الانتخابات الرئاسية وتحديد موعد الانتخابات وتقليص مدة الولاية الرئاسية التي تبلغ حالياً 6 سنوات.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)