لم تكتف اسرائيل بالسياسة العنصرية التي تنتهجها ازاء ما تبقى من الفلسطينيين بعد تهجير العام 1948، بل وسّعت دائرة استهدافها لتشمل اللاجئين الفلسطينيين، الذين طردتهم من منازلهم، إضافة الى أبنائهم وأحفادهم، يعينها في ذلك الكونغرس الأميركي. ففي إطار حملة اسرائيلية ـ أميركية، للالتفاف على حقوق اللاجئين، ومن ضمنها المساعدات التي تقدمها لهم وكالة تشغيل غوث اللاجئين «الأونروا»، وفي محاولة لـ«نزع» صفة اللاجئين عن ملايين الفلسطينيين، تمهيداً لطمس قضيتهم عبر تجريدهم من حقق العودة الى الديار التي تم تهجيرهم منها في العام 1948، أقرّت لجنة الموازنة التابعة للكونغرس الأميركي قبل أسبوعين، تعديل قانون يقضي بالزام الخارجية الاميركية تقديم تقرير تفصيلي للكونغرس، حول عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم في العام 1948 من ضمن الخمسة ملايين لاجئ الذين يتلقون مساعدات من الأونروا، وعدد الولادات بعد ذلك العام، من أبناء وأحفاد، في محاولة هي الأولى من نوعها لنزع صفة لاجئ عمن وُلدوا قسراً خارج وطنهم فلسطين.
وبحسب صحيفة «هآرتس»، فإن تعديل القانون الذي تمت المصادقة عليه في الكونغرس قدمه السيناتور عن الحزب الجمهوري، مارك كيرك، بالتعاون مع عضو الكنيست عن حزب «استقلال» الذي يقوده ايهود باراك، عينات ويلف.
وقالت الصحيفة إن الكثيرين في واشنطن لا يعلمون بأن تعديل القانون الاميركي، تبلور في مكتب عينات ويلف، الذي عمل في الاشهر الاخيرة مع اللوبي الاسرائيلي «ايباك»، ومع طاقم كيرك، من أجل دفع هذا التشريع القانوني.
وبرر ويلف هذه الخطوة بالقول إن استمرار بناء المستوطنات واستمرار مكانة اللاجئين يشكلان عقبة أمام السلام، مضيفاً «أني لا اطلب من احفادهم الا يحلموا بحق العودة، ولكن اذا اردنا حل الدولتين ينبغي أن لا تستمر الاونروا في تقديم المساعدات لهذا العدد من اللاجئين الذي يمس في النهاية بالسلام».
وأضاف أن الهدف من التشريع نزع الشرعية الدولية التي تعطيها المنظومة لأبناء اللاجئين، مضيفة أن نشاطها يؤِّبد النزاع القائم.
ولفتت الصحيفة الى أن التعديل يبدو للوهلة الأولى كما لو أنه تقني، غير أنه يخفي وراءه صراعاً شديداً بين المشرعين من الحزب الجمهوري ووزارة الخارجية الاميركية حول منظومة العلاقات بين الولايات المتحدة ومؤسسات الامم المتحدة، اذ إنه منذ سنوات طويلة يحاول أعضاء الكونغرس تقليص الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لـ«الأونروا»، على خلفية أن مؤسسات الامم المتحدة ولدت خطأ وتتعارض مع السياسة الاسرائيلية.
وأوضحت «هآرتس» أن الولايات المتحدة تقدم ما قيمته 250 مليون دولار لوكالة غوث اللاجئين، التي تقدم الدعم والرعاية للاجئين في الاردن ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، في مجال الخدمات والصحة والتعليم والغذاء.
في السياق نفسه، ذكرت الصيفة أن بياناً صادراً عن وزارة الخارجية الاميركية أوضح بأنها تعترف بخمسة ملايين لاجئ فلسطيني، وان هذا التعديل القانوني يشكل تدخلاً في قضية ينبغي حلها في المفاوضات.
من جهة ثانية، ذكر موقع «هآرتس» أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي منعت منذ العام 1967 الى حين اقامة السلطة الفلسطينية في العام 1994، أكثر من مئة الف فلسطيني من قطاع غزة، كانوا قد سافروا خارج الوطن للتعليم والعمل، من العودة الى بيوتهم وحرمتهم من حقهم الطبيعي في وطنهم.
ولفتت الى أن هذا الرقم يُضاف الى 140 ألف فلسطيني من سكان الضفة تم منعهم من العودة الى الوطن بعد مكوثهم خارج الوطن لمدة تزيد على ثلاثة أعوام ونصف.