ما إن أُغلقت أبواب كامب ديفيد على أعمال قمة مجموعة الثماني خلال يومي الجمعة والسبت، حتى فتحت شيكاغو أبوابها لقمة حلف شمال الأطلسي يوم أمس الأحد، على أن تُختتم اليوم، ويتصدر جدول أعمالها الانسحاب من أفغانستان. وقد استغلت حركة «طالبان» الأفغانية مناسبة انعقاد القمة كي تبعث برسالة تقول «ارحلو عن أفغانستان».
ويحضر قمة الأطلسي، التي يستضيفها الرئيس الأميركي باراك أوباما، خمسين من قادة الدول وفدوا من كل أنحاء العالم، ما يجعل هذه القمة الأكثر أهمية منذ انشاء الحلف الاطلسي قبل أكثر من ستين عاماً، بحسب الحلف، وإضافة الى الدول الـ28 في أوروبا وأميركا الشمالية الأعضاء في الحلف، ستشارك في القمة دول من آسيا والشرق الأوسط كانت قد انضمت الى قوات التحالف الدولي في افغانستان. ويجتمع القادة في قصر مترام للمؤتمرات وسط تدابير أمنية مشددة، على أن يبحثوا استراتيجية انهاء المهمة في افغانستان، تمهيداً لانسحاب 130 الف جندي بحلول نهاية 2014.
ولا يتفق الحلفاء حيال الجدول الزمني للخروج من أفغانستان، مع أن الأمين العام لحلف شمال الاطلسي، أندرس فوغ راسموسن، يؤكد على مقولته «دخلنا معاً وسنخرج معاً»؛ ففرنسا قررت تسريع وتيرة سحب قواتها المقاتلة مع نهاية هذا العام.
وقد أعلن الرئيس الفرنسي الجديد، فرنسوا هولاند، ذلك لدى وصوله الى واشنطن الجمعة أثناء لقاء مع أوباما، مؤكّداً أن هذا الوعد الذي قطعه اثناء الحملة الانتخابية «غير قابل للتفاوض». وأوضح عقب قمة مجموعة الثماني «بشأن تنظيم الانسحاب، أي عام 2012، بأي وتيرة ستنسحب القوات القتالية من أفغانستان، ستعقد اجتماعات طوال الأيام المقبلة في فرنسا مع وزير الدفاع وقادة الأركان». وأضاف «لا أقول إن الرئيس أوباما وافق على ما قلته له».
ويغتنم الناشطون من دعاة السلام وفي حركة «احتلال» فرصة وجود هؤلاء القادة في شيكاغو لتنظيم مسيرة بعدما تظاهروا بصخب يومي الجمعة والسبت ضدّ قمة مجموعة الثماني في كامب ديفيد. وجرت تعبئة عدد كبير من قوات الامن مع زوارق سريعة لخفر السواحل مجهزة برشاشات تجوب نهر شيكاغو وبحيرة ميشيغن.
اضافة الى الموضوع الأفغاني، ثمة أولوية أخرى للقمة هي إضفاء الطابع الرسمي على المرحلة الأولى من مشروع الاطلسي نشر الدرع المضادة للصواريخ، الرامي الى حماية أوروبا من صواريخ قد تطلق من الشرق الاوسط، وخصوصاً من ايران، بحسب الأطلسيين.
وقبيل انعقاد القمة بساعات معدودة، وجهت حركة «طالبان» رسالة الى قادة الأطلسي، وصفت فيها الحرب على الإرهاب بأنها مبرر للاستعمار، ودعتهم الى الاقتداء بفرنسا والخروج مبكراً من افغانستان. وقالت الحركة في بيان لها على موقعها «صوت الجهاد» إنه لم يشارك أي افغاني في الهجمات التي شنها تنظيم «القاعدة» على الولايات المتحدة، التي دفعت واشنطن الى قيادة الغزو افغانستان. وأضافت إن «شبكات الاستخبارات الاميركية تقول إن جميع عناصر «القاعدة» غادروا افغانستان، وبالتالي فان الوجود العسكري الاميركي ليس الهدف منه أمنها (الولايات المتحدة)، لكن خدمة استراتيجيتها الطويلة الأمد لتحويل بلادنا والمنطقة الى مستعمرة تابعة لها». واشاد البيان بقرار الرئيس الفرنسي سحب قواتها القتالية من افغانستان هذا العام، قبل عامين من موعد انسحاب قوات الحلف الاطلسي. وقال إن قرار هولاند «يستند الى الوقائع ويعكس رأي شعبه».
واضاف البيان «ندعو جميع الدول الاعضاء الاخرى في الحلف الاطلسي الى تجنب العمل من اجل خدمة المصالح السياسية للمسؤولين الاميركيين، والاستجابة لدعوة شعوبها الى السحب الفوري لجميع قواتها من أفغانستان».
واتهمت الحركة القوات الاجنبية بارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان وممارسة التعذيب في السجون السرية وقتل المدنيين، وتساءلت «كيف يمكنهم أن يبرروا هذه الوحشية في افغانستان على يد من يصفون انفسهم بأنهم رجال متحضرون».
(أ ف ب)