أنقرة | مرّة جديدة، يحتدم النقاش في أنقرة حول التحول من النظام البرلماني الى الرئاسي. مؤيدو هذا الطرح يقدمون النظام الرئاسي على أنه أكثر قوة وديموقراطية من نظيره البرلماني، وأنه يتلاءم مع الدور الجديد الذي تلعبه تركيا كقوة إقليمية، هذا إضافة الى قدرته على معالجة الأزمة الكردية القديمة. أما معارضوه، فيرون أنه سيُعيد حكم السلطنة العثمانية ويعزز الديكتاتورية، كما أنه سيُبقي رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان في السلطة لمدة طويلة.
أردوغان، الذي يؤيد النظام الرئاسي، كان أول من أثار مسألة تغيير النظام. ويرى البعض أنه يأمل من خلال هذا الطرح أن يحقق مبتغاه بأن يصبح رئيساً لتركيا. وقد أشعل رئيس الحكومة الأسبوع الماضي النقاش حول النظام الرئاسي، مرة جديدة، حين أعلن أن تركيا يجب أن تناقش هذه المسألة عند صياغة دستورها الجديد.
في مقابل موقف أردوغان الواضح بهذا الخصوص، فان الرئيس التركي عبد الله غول يتبنى توجهاً حذراً، بحيث شدّد على أن المسألة يمكن أن تناقش، لكن أي نقاش يجب أن يكون من خلال التحليل الجدّي، فيما يتهم خصوم حزب الرجلين الحاكم «العدالة والتنمية»، بالاستبداد.
اتهام عبر عنه بوضوح زعيم حزب المعارضة الأساسي «الشعب الجمهوري»، كمال كيليتشدار أوغلو، بقوله إن اقتراح النظام الرئاسي هو بمثابة إعلان واضح عن رغبة «العدالة والتنمية» في دولة ومجتمع مغايرين. واعتبر أن «النظام الرئاسي يقع في إطار جهود حزب «العدالة والتنمية» لتكريس كل السلطات برجل واحد. وهذا الباب يفتح المجال أمام الديكتاتورية والسلطنة».
لكن نائب رئيس الوزراء بوليت أرينج يؤكد أن النظام الرئاسي لا يعني التخلي عن الديموقراطية «لدينا تقاليد الديموقراطية البرلمانية، لكن الولايات المتحدة لديها نظام رئاسي. وهذا ليس ديكتاتورية. (الرئيس الأميركي باراك) أوباما لا يستطيع أن يعين أي شخص يريده ما لم يوافق مجلس الشيوخ. لا يستطيع أن يرسل السلاح الى أي دولة يريد ما لم يوافق مجلس الشيوخ. هناك نظام للمحاسبة والتوازنات. اذا حصلت على السلطة، يجب أن تضع آلية كي تُبقيها موضع محاسبة».
ويقوم النظام السياسي في تركيا على الفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية. وبموجب التعديل الدستوري الأخير، أصبحت ولاية رئيس الجمهورية 5 سنوات قابلة للتجديدة مرة واحدة، وهو ينتخب مباشرة من الشعب. وقبل هذا التعديل كان البرلمان هو الذي يختار الرئيس لمدة 7 سنوات غير قابلة للتجديد. والرئيس الحالي غول يعتبر آخر رئيس منتخب من قبل البرلمان، ويرتقب أن يغادر منصبه في 2014، ليبدأ سريان التعديل الدستوري.
ليس واضحاً من سيخلف غول بعد، لكن المرشح الأقوى هو أردوغان، رغم أن ذلك لم يعلن رسمياً بعد. وقد منع حزب «العدالة والتنمية» عبر قوانينه الداخلية أي عضو من إعادة انتخابه لأكثر من 3 ولايات متتالية. ويتولى أردوغان الآن ولايته الثالثة رئيساً للوزراء. رئيس الحكومة القوي، بدوره، أعطى إشارات قوية أكثر من مرّة الى أن القوانين الداخلية لحزبه لن تتغير، كما وعد مراراً بأن ولايته الحالية رئيساً للوزراء (من 2011 لغاية 2015) ستكون الأخيرة. وبناء عليه، فإنه مع صيف 2015، يكون أردوغان قد رحل عن رئاسة الوزراء.
ولهذه الأسباب، سرت تكهنات عديدة بأن أردوغان سوف يترشح للانتخابات الرئاسية عام 2014، قبل أن تنتهي ولايته في رئاسة الحكومة، وعلى الأرجح سيترك رئاسة الحكومة لشخصية رفيعة المستوى في حزبه، يمكن أن تكون نائبه بولينت آرينج. وإذا ما نجح هذا السيناريو، فسيعمل أردوغان على إعادة انتخابه رئيساً أيضاً، وهكذا سيضمن بقاءه على رأس تركيا حتى عام 2024. ومن أجل هذه الأهداف، هناك توقعات بأن أردوغان سيسعى الى انتزاع المزيد من السلطات للرئيس قبل أن يبدأ بتنفيذ مشروعه.