لم تكن متابعة فرانسوا هولاند، الرئيس الجديد لفرنسا، مباراة ليون وكويفيلي في نهائي كأس البلاد لكرة القدم، تندرج ضمن اطار اللجوء إلى اللعبة الشعبية الأولى في البلاد لاستمالة الناخبين عبر الإطلالة عليهم في إحدى محطاته في الحملة الانتخابية من معقلهم؛ إذ إن هولاند يُعتبر مثالاً للسياسي العاشق للرياضة عموماً وكرة القدم خصوصاً.
هكذا، فإن هولاند مارس في سنواته الأولى كرة القدم، حيث لعب في صفوف فريق الناشئين في روين، بيد أن انتقاله إلى الحياة في العاصمة باريس كان كفيلاً بـ«إجهاض» حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفاً. ويقول في هذا الصدد: «لو كنت أحلم ولو كنت أمتلك موهبة لأصبحت لاعب وسط في فريق روين. أنا نفسي كنت لاعباً في هذا الفريق، لكنني كنت صغيراً جداً قبل أن تتبدل حياتي وأنتقل إلى باريس، لكنه كان حلماً يراودني (أن يصبح لاعب كرة قدم)». ولا يتوانى هولاند عن الحديث عن مواهبه الكروية بقوله: «كنت ألعب على الرواق الأيمن، كنت سريعاً، وأسدد بالقدم اليسرى».
شغف هولاند بكرة القدم كان سببه جده لأمه، الذي زرع في نفسه هذا العشق وكان يصطحبه إلى ملاعب الكرة كـ«بارك دي برانس»، ملعب فريق باريس سان جيرمان. ويسرد هولاند بعضاً من هذه الفترة، قائلاً: «أفضل أوقات الأسبوع كانت صباح يوم الثلاثاء عندما كنت أبتاع (المجلة الرياضية الشهيرة) «فرانس فوتبول» والخميس عندما ألعب الكرة والأحد عندما أتدرب مع روين». وأضاف: «عندما قدمت إلى باريس لم يكن نادي باريس سان جيرمان قد تأسس بعد، كنت أذهب لمشاهدة مباريات فريق «ريد ستار» في ملعب «بويه»».
بعد تلك الفترة تحوّل الرئيس الفرنسي الجديد من ممارس للرياضة إلى متابع ومشاهد نهم لها، هكذا يحكي هولاند لمجلة «ليكيب» الرياضية المعروفة أنه شاهد «المباراة المجنونة»، كما يصفها، بين فرنسا وألمانيا في نصف نهائي مونديال 1982 في إسبانيا والمباراة الشهيرة بين محمد على كلاي وفورمان في الملاكمة عام 1974. إلا أن أسعد لحظات حياته كانت في مونديال 1998 عندما شاهد المباراة النهائية في «استاد دو فرانس» التي فازت فيها بلاده باللقب العالمي على حساب البرازيل.
عشق هولاند الكبير للرياضة كان كفيلاً بصقل شخصيته الرياضية وزيادة المامه بهذا العالم الواسع. من هنا، لم يتوان الرجل عن ابراز «عضلاته» في هذا الميدان خلال حملته الانتخابية. ولعل «القنبلة» التي رماها هولاند كانت لدى مطالبته في مقابلة تلفزيونية بفرض ضرائب بنسبة تصل الى 75 في المئة على رواتب اللاعبين الذين يتقاضون أجراً سنوياً يتخطى مليون يورو، داعياً إلى تقليص الانفاق على اللعبة، حيث انتقد على سبيل المثال حصول مدرب باريس سان جيرمان، الايطالي كارلو انشيلوتي، على مبلغ 6 ملايين يورو في العام.
واستناداً إلى هذا الطرح، يبدو منتظراً أن تأخذ الرياضة حيزاً مهماً في عهد هولاند، حيث لن يقبل الرجل أي خطأ في هذا المجال على عكس ما كان حاصلاً في عهد نيكولا ساركوزي، الذي عجزت وزاراته المعنية بهذا الملف عن حل المشكلات التي كانت تطفو إلى السطح. من هنا، فإن هولاند يرى أن الرياضة يجب أن تعود لتأخذ حيزاً مهماً في المدارس التعليمية «لأن الرياضة ليست ترفاً بل هي ضرورة، إنها علم لحماية المجتمع (..) ولهذا السبب يجب أن تكون في المناهج التعليمية مع إعادة تقويم لمادة التعليم الرياضي». كذلك، يعتبر هولاند أن وزير الرياضة المقبل يجب أن يكون «ذا مؤهلات في هذا المجال» لتصحيح اللااستقرار الذي كان حاصلاً في عهد نيكولا ساركوزي في هذا الميدان، داعياً الى اعطاء «معنى للسياسة الرياضية».