أجواء تفاؤل تسود كلاً من إيران والعراق حيال جولة التفاوض النووي بين الجمهورية الإسلامية ومجموعة 5+1 المقررة في بغداد في 23 الشهر الجاري، في ظل معلومات عن خط هاتفي مفتوح يربط منذ أشهر طهران بواشنطن، وإن كان «تحت الأرض». ويزور ممثل الأمم المتحدة لدى بغداد، مارتن كوبلر، هذه الأيام طهران، حيث من المقرر أن يلتقي كبار المسؤولين، وفي مقدمتهم الرئيس محمود أحمدي نجاد، لتنسيق اجتماع 23 الجاري. ومن المقرر أن يلتقي أيضاً سفراء دول 5 + 1 في اجتماع يرعاه السفير العراقي، ويفترض أن يحضره بعض السفراء العرب والقيادي العراقي عادل عبد المهدي الذي يصادف أنه يزور طهران أيضاً.

مصادر قيادة عراقية تؤكد أن «بغداد متحمسة جداً للقيام بدور في الجمع بين الأميركيين والإيرانيين، وهي طرحت على الجانبين مجموعة من الأفكار تنتظر ردهما عليها»، مشيرة إلى أن هذا الاجتماع «سيحمل مفاجآت للجميع». وبرغم أن اللقاء الثنائي الأميركي الإيراني لا يزال مستبعداً، إلا أن المصادر العراقية تتحدث عن كسر للجليد في هذه القضية قد يتمثل بمصافحة بين الطرفين مع انطلاق اجتماع بغداد أو في ختامه.
وتؤكد مصادر متقاطعة أن لا صفقة متوقعة قريباً، وإنما بداية مسار لخروج الملف النووي الإيراني من تحت العقوبات الغربية من مجلس الأمن. وتوضح هذه المصادر أنّ من المفترض أن يعترف الغرب، وفي مقدمته واشنطن، في اجتماعات بغداد، بحق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي وبتخصيب اليورانيوم لنسب تتجاوز 3.5 في المئة. في المقابل، تتعهد طهران، بحسب المصادر نفسها، فتح منشآتها النووية كلها للمراقبة الدولية الدائمة، فضلاً عن الالتزام الذي بنت عليه واشنطن مبادرتها حيال الجمهورية الإسلامية، والذي صدر عن القيادة الإيرانية بتحريم صناعة السلاح النووي واستخدامه.
وكان مرشد الثورة علي خامنئي قد أكد، في كلمة له ألقاها في مشهد قبل أسابيع وعدّتها واشنطن بادرة تستأهل البناء عليها، «أنهم یعرفون ویعترفون بأن إیران لا تسعی إلى امتلاك أسلحة نوویة. وهذه هي حقیقة القضیة. إننا ولأسبابنا لا نسعی بحال من الأحوال إلى امتلاك سلاح نووي، لم ننتج ولن ننتج» سلاحاً نووياً، مشدداً على «أننا لا نمتلك سلاحاً نوویاً ولن نصنع سلاحاً نوویاً»، وذلك في محاكاة لفتويين سابقتين له بتحريم صناعة السلاح النووي وتحريم استخدامه.
وتؤكد المصادر السالفة الذكر «ثابتين لدى القيادة الإيرانية، بغض النظر عن كل الشائعات التي تصدر هنا وهناك: لا إغلاق لمنشأة فوردو القريبة من قم، ولا وقف للتخصيب بنسبة 20 في المئة». وتضيف أن «مفاعل أمير أباد الطبي في طهران يعمل حالياً بكامل طاقته بقضبان نووية إيرانية مئة في المئة، وسيبقى على هذه الحال».
وتكشف هذه المصادر عنه أنه وفق التفاهمات المعقودة، ستتمثّل الخطوة الأولى التي ستلي اجتماع بغداد بإلغاء أوروبا للحظر النفطي الذي فرضته على إيران، على أن تليها خطوة إنهاء مقاطعة المصارف الإيرانية، وخاصة المصرف المركزي، إلى أن تحين المرحلة الثالثة المتمثلة بسحب الملف النووي الإيراني من مجلس الأمن الدولي وإعادته إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتضيف أن «الفكرة من وراء كل هذه الخطوات هي تجسير الثقة بشكل متبادل بين واشنطن وطهران»، مشيرة إلى أنه «مع الانتهاء من هذه الخطوات بنجاح، تكون الأرضية قد أصبحت جاهزة للجلوس إلى طاولة مستديرة للبحث في ملفات المنطقة، في محاولة للتوصل إلى حد أدنى من التفاهمات التي قد تفتح المجال أمام اتفاق على ترتيبات إقليمية شاملة».
بناءً عليه، تؤكد مصادر إيرانية معنية أن مسار التقارب الأميركي الإيراني لا بد أن يفترض تهدئة في كل الملفات ـــــ الأزمات في المنطقة، مشيرة إلى أن «هذا المسار يمثّل حالياً الإطار الذي تدار من ضمنه اللعبة في كل ساحات الصراع» من سوريا إلى العراق وغيرهما. وتضيف: «لا يمكن أن يكون الأميركيون والإيرانيون يعدون الأرضية لتفاهمات بشأن أكثر الملفات خلافية بينهما، ألا وهو الملف النووي، وفي الوقت نفسه يدخلون في مواجهات، أو بالأحرى يصعدون في حدة المواجهة بينهما بشأن ملفات خلافية أخرى».
وترى هذه المصادر أن إدارة باراك أوباما، التي «يبدو واضحاً أنها أفلست وانعدمت لديها كل أوراق الضغط، وخاصة في ظل الانتصار الذي حققه الرئيس (السوري بشار) الأسد على الفتنة في بلاده، بحاجة ماسة إلى تهدئة مع إيران مرفقة بانجاز يمكنها أن تتوجه به إلى الناخب الأميركي على أمل أن يساعدها في التجديد لأوباما في كرسي الرئاسة»، مشيرة إلى أنّ «من المعروف أن الإدارات الأميركية تدخل في سبات خارجي خلال الأشهر الستة التي تسبق كل انتخابات رئاسية، وهي حال إدارة أوباما التي تريد أن تدير ظهرها للخارج وتتفرغ لمعركتها الداخلية، وهي مطمئنة إلى أن شيئاً لن يحصل في المنطقة يمكن أن يرتدّ عليها سلباً في الداخل».
وتوضح هذه المصادر، التي تكشف عن خط هاتفي مفتوح غير معلن يربط الجانبين منذ أشهر مهمته التواصل في جميع ملفات المنطقة، أن طهران «تستغل ضعف أوباما وحاجته تلك إلى انتزاع الحد الأقصى من التنازلات الأميركية»، مشيرة إلى وجود «سلسلة مطالب على أوباما أن يلبيها لتحقيق غايته، أولها لجم إسرائيل عن أي مغامرة تجاه أي كان، وتأديب الرجعية العربية، وتكريس التفاهم بشأن سوريا، وتحديداً خطة أنان»، وخاصة بعدما تبخرت وعود نيكولا ساركوزي مع خسارة التحالف المناهض لدمشق قصر الإليزيه الذي سيكون مشغولاً لفترة طويلة بهمومه الداخلية.



معهد أميركي يرصد أنشطة في بارشين


أفاد معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن، بأن صوراً التقطت بواسطة أقمار اصطناعية تظهر أنشطة جديدة في موقع عسكري إيراني، يُعتقد أن يكون مجمّع بارشين (جنوب شرق) الذي تشتبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أن أبحاثاً مرتبطة بالأسلحة النووية ربما جرت فيه. وأضاف المعهد المتخصص في أنشطة الانتشار النووي، على موقعه الإلكتروني، أنه «حدث النشاط الجديد الذي يظهر في الصورة أمام مبنى يشتبه في أنه يحتوي على غرفة للتفجيرات تُستخدم في تنفيذ تجارب لها علاقة بالأسلحة النووية». وأضاف: «يثير تدفق المياه الذي يبدو أن مصدره المبنى مخاوف من أن إيران ربما كانت تقوم بعملية تطهير داخل المبنى أو ربما تغسل الأشياء خارج المبنى». إلى ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي (الصورة)، إن تعامل مصر وإيران واجتماعهما سيكون له تأثير إيجابي على استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة. وأكد صالحي، على هامش اجتماع وزراء خارجية دول حركة عدم الانحياز في شرم الشيخ، أن «مصر الآن في وضع داخلي نأمل أن يتم معه إجراء الانتخابات الرئاسية وأن تستقر الحكومة المصرية، كذلك تأمل إيران أن تحصل هذه الخطوة (رفع مستوى العلاقات) في المستقبل».
(أ ف ب، يو بي آي)