لعلها المرة الأولى التي يزور فيها رئيس الحكومة العراقية، نوري المالكي، إيران مثقلاً بهذا الكم من الأحمال التي تكاد تقصم ظهره، وشاعراً بهذا القدر من الضعف والوهن. صحيح أن العنوان الإعلامي للزيارة، الأولى له منذ توليه منصبه لولاية ثانية، يتحدث عن تشاور في تطورات المنطقة وتوقيع بعض الاتفاقيات. لكن العنوان الفعلي لا بد أنه استجداء دعم قادة إيران من أجل إيجاد مخرج للأزمات الداخلية التي يتخبط بها، والتي بلغت مستوى جعلت رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني يتجرأ على التلويح بالانفصال. ومن أين؟ من أنقرة التي لطالما أكد جنرالاتها أنهم سيدمرون أي دولة كردية تعلن، ولو في البرازيل!
لا أحد يعلم لماذا ترك المالكي الأمور تصل في بلاده إلى هذا الحد، وهو الذي حقق نجاحات في السياسة الخارجية، ثبّت في خلالها العراق جزءاً محورياً من معسكر الممانعة، متصدياً في هذا الإطار لرئيس الدولة العظمى في العالم، والمؤتمر الصحافي المشترك مع باراك أوباما خير شاهد على ذلك. لو لم يكن يعرف ماذا يجري من حوله في الداخل فهذه مصيبة، ولو كان يعلم وتصرف وفق الطريقة التي فعل فهي مصيبة أكبر. كيف يمكن تفسير أن الرجل، الذي اعترفت كل الأطراف الإقليمية والدولية المعنية قبل نحو عامين بأنه الرقم الصعب الذي لا بديل عنه، يتحول إلى الشخصية التي ستدمر العراق والشيعة فيه، على ما تفيد الأحاديث في صالونات بعض العواصم، حيث بدأت التساؤلات عن البديل المحتمل؟ كيف يمكن تفسير تحول المالكي بهذه السرعة من ذخر إلى الأطراف الإقليمية الحليفة له، والتي تقدر له عالياً صلابته والتزامه ومواقفه الشجاعة، إلى عبء عليها؟ بل أكثر من ذلك. كيف استطاع المالكي، الذي نجح قبل عامين في كسر طوق دولي إقليمي محلي كان يلتف حول عنقه، أن يدفع بالأطراف نفسها إلى إعادة التكتل ضده من جديد؟ حتى المنشقون عن أخصامه، وخاصة الكتلة «العراقية»، بدأوا يعودون إلى قيادتهم السابقة بعدما تبين لهم أن انشقاقهم هذا لم يعد عليهم إلا بالسوء.
«أين مستشاروه الذين يتحملون مسؤولية الخلل وحالات الضعف والوهن التي تعتري جهازه الحاكم؟»، تتساءل شخصية عراقية «مخلصة» للمالكي، و«أين قيادات حزب الدعوة الذين يبدو أن بعضهم بدأ ينقلب عليه طمعاً بكرسي رئيس الوزراء؟ وما محاولات فصل الأمانة العامة للحزب عن رئاسة الحكومة إلا جزءاً من هذا السيناريو».
هل لا يزال المالكي قادراً على تجاوز التحديات التي تواجهه من أجل إعادة انتاج قوته من جديد؟ هل يستطيع إعادة وصل ما انقطع مع الأكراد عن طريق سياسة تدوير الزوايا؟ هل هو قادر على احتضان السنة، وتقريب قادتهم إليه، وفي مقدمتهم اسامة النجيفي وصالح المطلك اللذان بذلا جهوداً مضنية للتواصل معه بلا جدوى؟ هل يمكنه إعادة الوحدة للبيت الشيعي عبر مصالحات عاجلة مع المجلس الأعلى وتأكيد للتفاهمات مع التيار الصدري؟ هل يستطيع استعادة رضا المرجعية على أدائه؟ وبالتالي تحصين نفسه والبلد من بعض دول الجوار التي ما فتئت تتآمر عليهما معاً؟
سلوك رئيس الوزراء خلال الأسابيع والأشهر القليلة الماضية يجعل الإجابة بنعم عن هذه الأسئلة مغامرة لا يمكن لأحد أن يتحملها. لعل الدليل الأكثر وضوحاً كيف أفلح المالكي في تحويل الخلاف مع مسعود البرزاني من خلاف سياسي إلى عداء شخصي. هل يعقل أن يقوم زعيم دولة بتسفيه أحلام مكون أساسي من مكونات بلده كما فعل المالكي مع الأكراد؟ واضح أن المشكلة الأساس بين الجانبين تتجاوز في بعدها المعنوي قضيتي النفط وكركوك. لقد كسر المالكي هيبة البرزاني وعنجهيته، وجعل الرئيس جلال الطالباني طرفاً، وهو الذي كان يقول دوماً إنه يحمل العصا من النصف، بل إنه حال وقدرة الأكراد على اللعب على التناقضات من أجل انتزاع المكاسب. والمزعج، بالنسبة للأكراد، هو ادراكهم أن المالكي فتح النار عليهم مع خروج حاميهم من العراق، أي القوات الأميركية.
ولعل ذلك ما دفع البرزاني إلى زيارة واشنطن قبل أسبوعين طلباً للدعم في تحقيق مطالب الأكراد وفي إسقاط المالكي. أوساط الزعيم الكردي تقول إن الزيارة كانت ناجحة جداً، مشيرة إلى أن البرزاني حصل على دعم أوباما للمطالب الكردية، وإن تحت سقف وحدة العراق، وأيضاً لإسقاط المالكي بـ«الآليات الديموقراطية». في المقابل، يقول المقربون من المالكي إن الزيارة كانت فشلاً ذريعاً، موضحين أن اوباما أكد على وحدة العراق في معرض رفضه للمطالب الكردية ذات النزعة الانفصالية وبينها النفط وكركوك، كما طلب من البرزاني الانتظار حتى العام ٢٠١٤، إلى حين انتهاء ولاية المالكي، لإسقاطه. ولما ألحّ الزعيم الكردي، عندها تحدث أوباما عن الآليات الديموقراطية.
أياً يكن من أمر، فإن البرزاني بدأ ينسج تحالفات مع السنة ومع الأطراف الشيعية، بدعم من عواصم إقليمية تتقدمها السعودية وقطر وتركيا، من أجل إيجاد أرضية واسعة لحجب الثقة عن المالكي في البرلمان بغالبية النصف +1، واستبداله.
الأنكى أن المالكي، وفي خلال اتفاقيات اربيل للعام ٢٠١٠ التي أنتجت هذه الحكومة، وقع للبرزاني على وثيقة من ١٩ بنداً تتضمن موافقته وتعهده بتنفيذ المطالب الكردية من الدولة المركزية. وثيقة تضاف إلى وثيقة تشكيل الحكومة التي تضمن حكماً توافقياً واستحداث منصب لأياد علاوي. وطبعاً، كلما طلب الأكراد والقائمة العراقية العودة إلى اتفاقيات اربيل لتطبيقها وانجاز المصالحة الوطنية، لا يجد المالكي مخرجاً سوى المطالبة بالعودة إلى الدستور والتأكيد على أنه مستعد لتنفيذ أي اتفاقية لا تتعارض مع هذا الدستور.
ولا يخفى هنا ما يمكن تسميته «Allawi effect» أو تأثير أياد علاوي الذي سبق أن تعهد في أحد الاجتماعات الرفيعة المستوى قائلاً: «ليميتني الله إن لم أجعل مسعود يشن حرباً طاحنة على المالكي». ومعروف أن علاوي أعلن أنه لن يعود إلى بغداد إلا بعد تغيير المالكي، وخصوصاً بعد ما قال إنه انكشاف مؤامرة لاغتياله. وهو يؤكد أن لا حل للأزمة في البلاد إلا وفق خيارات ثلاثة:
١- تحقيق الشراكة الوطنية الكاملة كما جاءت في اتفاقية اربيل
٢- دعوة التحالف الوطني إلى اختيار رئيس آخر للوزراء من اطارات الائتلاف الوطني نفسه
٣ - اجراء انتخابات مبكرة ليكون للشعب العراقي كلمة الفصل في ما يجب ان يحصل ومن يجب ان يتسلم مقاليد الحكم في العراق. 
الأمر نفسه ينطبق على العلاقة مع السنة، وخاصة القادة منهم، وبينهم صالح المطلك الذي يعرض الصلح منذ أشهر ولا من مجيب. إلا أن المثال الأبرز ما جرى أخيراً مع النجيفي الذي بادر، بناءً على وساطات، إلى الاتصال هاتفياً بالمالكي في محاولة لكسر الجليد بينهما، فكان نصيبه باقة من الشتائم، وتهديداً بـ«أني سأدمرك»، ما دفع برئيس البرلمان إلى اغلاق الخط. طريقة تعامل جعلت جزءاً من المنشقين عن القائمة العراقية يعودون إليها، بعدما تساقطت آمالهم على أسوار رئيس الوزراء.
أما في الصف الشيعي، فقد بات واضحاً أن هناك تيارين يلعبان هذه اللعبة. الأول هو المجلس الأعلى الذي بدأ منذ أوائل هذا الشهر يعلنها على الملأ أنه يريد اسقاط نوري المالكي. بل إنه استقبل وفداً من «العراقية» لتنسيق الجهود. وموقف المجلس هنا يبدو مبرراً، بعد مرور أكثر من عامين على الخلاف الانتخابي الذي لم يجد حلاً بعد. بل إن المالكي لا يزال يعتبر السيد عمّار الحكيم، على ما يتناقل البعض، عدوه اللدود الذي يريد تدفيعه ثمن موقف المجلس أيام تشكيل الحكومة الحالية. ومعروفة العلاقة المتينة التي تربط المجلس بالأكراد منذ أيام المرجع السيد محسن الحكيم، فضلاً عن أن المجلس حافظ على الدوام على علاقته بـ«العراقية» وبداعميها الإقليميين. وقد بات محسوماً أن المجلس انضم إلى التكتل الكردي السني الذي يستهدف اسقاط المالكي الذي اتصل أخيراً بأحد قادة المجلس يتهدده ويتوعده، مقدماً نفسه بأنه «أبو المعارك».
أما التيار الثاني فهو التيار الصدري الذي، كعادته، يمارس سياسة الابتزاز لانتزاع القدر الأكبر من المكاسب. وهو يعمل من تحت الطاولة لتسويق بديل من صفوفه لنوري المالكي. شجعته على ذلك بلا شك اتصالات من الأطراف المعارضة للمالكي تسأله طرح شخصية من رموزه لترؤس الحكومة المقبلة. من أبرز المؤشرات على ذلك اتصال شخصيتين على الأقل من التيار الصدري بأطراف إقليمية معنية بملف العراق طارحة نفسها لرئاسة الحكومة. ويقول مقربون من التيار الصدري إنهم مقتنعون بأن «التيار كان لينضم إلى التحالف المناهض للمالكي لو كان يضمن عدم غدر المجلس الأعلى به».
ولعل في صرخة رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري، في أحد المجالس، خير معبّر عن حال بلاد الرافدين هذه الأيام: «ألم يعد العراق يتسع لعمار الحكيم واسامة النجيفي واياد علاوي ومسعود البرزاني».
تبقى عقبة المرجعية التي اضطرت أخيراً إلى التدخل عبر وكلائها لحماية حاكم المصرف المركزي العراقي، سنان الشبيبي، الذي كاد يطيحه المالكي. ومعروف أن الشبيبي عقل مالي واقتصادي ومن أهم الكفاءات العراقية. ومع ذلك فإن المالكي قاد معركة لإقالته لخلاف بينهما بدأ عندما طلب رئيس الوزراء منه أن يقرض الحكومة من الاحتياطي النقدي العراقي لمواجهة المشكلة الاقتصادية التي تعاني منها الدولة، على أن يتم السداد من أموال النفط. لكن الشبيبي رفض محاججاً بأن خطوة كهذه ليست علمية ولا منطقية، فضلاً عن أنه لا يحق له التصرف بالاحتياط لكونه ملك الأجيال المقبلة، وعليه فإن خطوة كهذه غير مقبولة لا اقتصادياً ولا وطنياً. فما كان من المالكي إلا أن اتهمه بالتآمر عليه وبالتقصير في ملفات هي أصلاً ليست من اختصاص حاكم المصرف المركزي. وبلغت حملة المالكي عليه حداً اضطرت فيه المرجعية إلى التأكيد على ثقتها بالشبيبي وبكفاءته وباستقلالية المصرف المركزي. كذلك فعلت الكثير من القيادات العراقية، وبينها النجيفي الذي استقبل الشبيبي في 8 نيسان الجاري. ويضع البعض معركة المالكي مع الشبيبي في إطار محاولات رئيس الوزراء مصادرة جميع الهيئات المستقلة وربطها برئاسة الحكومة.
وعليه، في ظل انشغال سوريا بأزمتها، وتحالف السعودية وقطر وتركيا مع أكراد العراق وسنته ومعهم المجلس الأعلى، ووجود تيار صدري يسعى إلى تصيد المكاسب وأطماع زعامة في صفوف حزب المالكي، فإن هذا الأخير يدرك أن طوق الخلاص الوحيد الذي يبقيه في منصبه ليس سوى طهران، ذلك ان تصويت النصف +1 ضده في البرلمان قد بات مؤمناً، ولا ينتظر سوى ضوء أخضر إيراني لا يوجد طرف شيعي يمكن أن يقدم على خطوة كهذه دونه.



بانتظار لقاء المرشد


يختتم نوري المالكي اليوم زيارته لطهران التي لا شك في أنها ستثير معه القضايا الكبرى مثل محادثات «5 + 1» والملف السوري والعلاقة مع دول الخليج وغيرها. لقاءاته مع الرئيس محمود أحمدي نجاد ووزير الخارجية علي أكبر صالحي وأمين المجلس الأعلى للامن القومي سعيد جليلي (الصورة) ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني خير مؤشر على ذلك.
في النهاية بات واضحاً للجميع أن الجمهورية الإسلامية ترمي بثقلها خلف المالكي، في محاولة لتعويمه وجعله طرفاً إقليمياً لا يمكن تجاوزه. بل هي اعتمدته الرافعة العربية التي تمارس من خلالها نفوذها لنصرة الكثير من القضايا، التي برز منها خلال الفترة الماضية سوريا والبحرين.
غير أن زبدة القول في هذه الزيارة ستصدر اليوم عن المرشد علي خامنئي الذي يُفترض أن يستقبل المالكي قبل مغادرته طهران. كلام سيكون القول الحسم في ما إذا كان هناك أي تعديل في مقاربة إيران للمالكي، وبالتالي المؤشر الأبرز لعمر هذا الأخير في الحكم.



... وطهران تسارع إلى نجدته: إنه خط الدفاع عن الأسد





كشفت مصادر إيرانية رفيعة المستوى أن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي تلقى في طهران أمس دعماً كاملاً من قادة إيران، حيث يمضي يومين «معززاً مكرماً»، نافية وجود أي خلل في الجبهة الداعمة للزعيم العراقي. وقالت إن «القيادات الإيرانية التي التقته أبلغته أن الجمهورية الإسلامية لن تتخلى عنه أبداً، وخاصة في هذه المرحلة الحساسة»، مشيرة إلى أنه «خط الدفاع عن (الرئيس السوري بشار) الأسد، فمن ذا الذي يستطيع إسقاطه».
وقالت المصادر إن «المالكي جاء طهران طلباً لدعمها منعاً لنجاح مخطط سعودي قطري تركي يستهدف إغراق العراق في حرب مذهبية، يقوم على دعامتين اثنتين، الأولى القائمة العراقية، والثانية القيادة الكردية»، مشيرة إلى أن «طهران لن تسمح بإطاحة المالكي، بل بالعكس ستعمل على ترسيخ قدميه فوق أرض العراق، لمواجهة هذا التحالف الثلاثي، وستبعث برسائل إلى مسعود البرزاني لوقفه عند حده، ومنعه من ولوج هذا المخطط». وأضافت إن المرشد علي خامنئي سيعطي المالكي اليوم دفعة جديدة من الدعم يصب في السياق نفسه.
وبشأن تأكيدات المجلس الأعلى عمله على اسقاط المالكي، والحديث عن تورط التيار الصدري في هذا المخطط، تؤكد المصادر أن «التحالف الوطني موحد خلف المالكي، وكل ما يخرج من حديث عن انشقاقات هو جزء من لعبة تديرها طهران لاحتواء المؤامرة المقابلة»، لافتة إلى أن الجمهورية الإسلامية قررت أن ترفع مستوى دعمها للمالكي في عملية إعادة البناء، وبدأت برفع حصة الكهرباء التي تعطيها للعراق.
وتشير المصادر إلى أن السلطات السورية تمتلك أشرطة فيديو مسجلة لقادة القائمة العراقية تظهرهم وهم يتآمرون على المالكي في الفترة التي رافقت مفاوضات تأليف حكومته الحالية، مشيرة إلى أن دمشق هددت بالكشف عن هذه الأشرطة إن لم يتراجع هؤلاء عن هجومهم على المالكي.
وفي السياق، رأت القائمة العراقية في تجديد التحالف الوطني دعمه لحكومة المالكي، إعادة إنتاج «القائد الضرورة»، مشيرة إلى أن جميع أطراف التحالف مسؤولة عن إيجاد حل للأزمة السياسية، ومؤكدة ضرورة أن يدرك المالكي أن شرعية الحكم في العراق لا تأتي من ايران.
وكان التحالف الوطني برئاسة إبراهيم الجعفري قد جدد في اجتماع هيئته السياسية أول من أمس دعمه لحكومة الشراكة الوطنية برئاسة المالكي، رافضاً التدخل في شؤون العراق الداخلية، في رد على تصريحات رجب طيب أردوغان، ومؤكداً إصراره على عقد الاجتماع الوطني في أقرب فرصة.
يأتي ذلك في وقت لا تزال فيه الحرب الكلامية مستعرة بين المالكي وأردوغان، الذي نفى أن يكون يسعى لإشعال الخلافات الطائفية في العراق، متهماً نظيره العراقي بمحاولة كسب «نفوذ» في المواجهة المتصاعدة بين البلدين الجارين.
وكان يوم الخميس الماضي قد شهد أولى الجولات الكلامية، حين اتّهم أردوغان المالكي بالتصرف «بأنانية» وبإثارة التوترات بين الشيعة والسنّة والأكراد في العراق، وسط أزمة دستورية في بغداد، وذلك أمام رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني. وعاد المالكي ليصف تركيا بأنها «دولة معادية، تصريحات رئيس حكومتها تمثل عودة أخرى إلى التدخل الصارخ في الشؤون الداخلية للعراق».
وقال اردوغان أول من أمس «نحن لا نفرق بين السنّة أو الشيعة أو العرب أو الأكراد أو التركمان، إنهم جميعاً أشقاؤناً». وأضاف إنه «إذا كنا نردّ على السيد المالكي، فإننا نعطيه الفرصة للاستعراض، ولا يوجد ما يدعو للسماح له بكسب نفوذ».
وفي رد عملي على تهجمات اردوغان، احتجزت وزارة الداخلية عربة مصفَّحة تابعة للقنصلية التركية في مطار الموصل «لعدم استيفاء الإجراءات القانونية». وأوضحت وزارة الداخلية أنّ الوكيل الأقدم للوزارة عدنان الأسدي التقى السفير التركي في العراق يونس ديميدار، وأبلغه أنّ السلطات العراقية «لا تسمح بإدخال عجلات مصفحة حتى لو كانت دبلوماسية إلا بموافقات، خاصة وبعد استيفاء الإجراءات القانونية».
ولا شك في أن إطلاق أردوغان لتصريحاته المسيئة إلى المالكي بوجود البرزاني قد زادت من غضب رئيس الحكومة العراقية.
وأعلنت وزارة الخارجية العراقية أنها استدعت أمس السفير التركي في بغداد يونس دميرير، وسلمته رسالة احتجاج على تصريحات أردوغان، التي عدّتها تدخلاً غير مقبول بالشأن الداخلي العراقي.أما المعارضة العراقية، فقد حاولت بدورها الاستفادة من الأزمة المذكورة لتجييرها في معركتها السياسية ضد المالكي وفريقه الحاكم؛ وحمّلت حركة «الوفاق الوطني العراقي» بزعامة أياد علاوي، المالكي شخصياً مسؤولية جرّ البلاد إلى مزيد من التدخلات الخارجية «من خلال ترحيل الأزمات واللعب على وتر الطائفية والاستعانة بالخارج على الشركاء السياسيين».
إيلي...