«لقد اتخذنا قرار الترشح للانتخابات ونحن مجتمعون حول طاولة المطبخ، رغم كلّ المؤشرات. وخلال عطلة نهاية الأسبوع، قررنا أنّه رغم انتهاء السباق الرئاسي بالنسبة إلي، وايقافنا الحملة ابتداءً من اليوم، نحن لن نتوقف عن النضال». بهذه الكلمات أعلن سيناتور بنسيلفانيا السابق، ريك سانتوروم، انسحابه من المنافسة على بطاقة الترشّح الجمهورية لرئاسيات 2012 الأميركية، ليلة أول من أمس الثلاثاء.
ويبدو واضحاً انّ أرقام سانتوروم الهزيلة، مقارنة بما يحققه المرشح الأبرز، ميت رومني، دفعته الى اتخاذ قراره ذلك، الى جانب بعض الأسباب العائلية؛ إذ تعاني ابنة سانتوروم الصغرى، ايزابيلا، من مرض جيني هو متلازمة ادواردز (أو Trisomy 18). بيلا، كما يسميها والدها، تبلغ الثالثة من العمر، ولم يكن من المتوقع ان تعيش بعد عيد ميلادها الاول، كما تقول العائلة، وهي الصغرى بين سبعة أولاد (توفي الثامن بعد ولادته) انجبهم سانتوروم مع زوجته كارين. ويغيب سانتوروم عن الحملة دوماً كلما مرضت ابنته، وكانت قد ادخلت الى المستشفى نهاية الأسبوع الماضي، بعد تدهور حالتها الصحية، وخرجت يوم الاثنين.
حياة سانتوروم العائلية هي ربما أحد الجوانب التي تجعله يتمتع بشعبية بين الشريحة الجمهورية الاكثر محافظة. فهو يقف بحزم ضد الإجهاض، والدليل إنجابه وزوجته ابنته الصغرى رغم معرفتهما بمرضها. وهو يرفض بقوة وسائل منع الحمل، وعدد أولاده شاهد على ذلك. موقفه رافض بشكل صارم لزواج المثليين، وشبه المثلية في 2005 بالـ«بيدوفيليا»، اي الاعتداء الجنسي على الاطفال. وكالغالبية العظمى من المحافظين هو يساند الحق في حمل السلاح.
وتجد مواقف سانتوروم السياسية والدينية، صدى بين المحافظين، الإنجيليين والكاثوليكيين، الذين يرى بعضهم انّه يمثلهم. فممثل بنسيلفانيا السابق في مجلسي الشيوخ والنواب يرى أنّ التعليم الجامعي ذو نتيجة سيئة على الالتزام الديني. إذ قال في مقابلة في شباط الماضي إنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما يريد ان يرسل كل الشباب الى الجامعة كي يجردهم من الإيمان، وأضاف: «ما يجري في جامعاتنا يضر بالبلاد». ورفض مثلاً في مقابلة أخرى اعتبار اميركا دولة تفصل فيها الكنيسة عن الدولة، معتبراً أنّ التعديل الدستوري الأول يعني أن يتمكن الناس من التعبير عن ايمانهم الديني في الفضاء العام. مواقفه السياسية لم تختلف يوماً عن اقرانه الجمهوريين، ولم يتحدث إلا لماماً في الامور الخارجية، متوعداً إيران بداية العام الحالي بقصفها في حال انتخابه رئيساً ولم تتجاوب مع طلبات التفتيش من قبل المجتمع الدولي.
ويرى بعض المراقبين أنّ انسحاب سانتوروم ليس بلا عواقب على رومني، وخصوصاً أنّه لم يعلن تأييده له بعد، رغم اتصاله به قبل الإعلان الرسمي ليخبره قراره بالانسحاب؛ إذ اضطر رومني الى ان يصبح على يمين سانتوروم في بعض المسائل كي يستميل قسماً من الناخبين، وقطع شوطاً لم يعد بإمكانه العودة الى وراء من بعده، والدليل على ذلك خطته الضريبية. كذلك بيّن سانتوروم لكل الناخبين، جمهوريين وديموقراطيين ومستقلين، نقاط ضعف حاكم ماساشوستس السابق. والأهم ان سانتوروم كلف رومني الوقت والمال الثمين لمحاولة كبح تقدمه في بعض الولايات. اموال كان بإمكان رومني ان يصرفها على مزيد من الدعاية التي يحتاجها اليوم بشدة، رغم أنّه اصبح في منتصف الطريق الى نيل الترشيح الجمهوري مع 661 مندوباً. كذلك على رومني الآن ان يستميل ناخبي سانتوروم الذين سيبحثون على اسم يساندونه، ويعمل جاهداً لدفع المرشح الأضعف بين المتنافسين، رون بول، والمشاكس نيوت غينغريتش الى الزاوية، كي ينسحبا او يقترفا الاخطاء. ويبقى عليه ايضاً ان يستميل القاعدة الجمهورية التي لم تعتمد على اسم بعد، واجلت اختيارها ليوم المؤتمر الجمهوري العام في 27 آب المقبل.