بروكسل | في محاولة منهم لتخطي عقبة السيادة الوطنية، أكد وزراء دفاع دول الاتحاد الاوروبي، في نهاية أعمالهم، اول من امس، ضرورة المحافظة على القدرات العسكرية الأوروبية وتدعيمها لإبقاء سياسة الدفاع الأوروبية.الاجتماع خصص لمناقشة العديد من القضايا التي تخص مجالات الدفاع والصناعة العسكرية في جو برزت فيه سلسة من التقارير العسكرية ودراسات مستقبلية تشير إلى خطر فقدان أوروبا القدرات على الدفاع عن نفسها في حالة أي صراع عسكري. يضاف إلى ذلك النتائج المستخلصة من الحرب على ليبيا، التي أثبتت أن هناك عدداً من المجالات العسكرية تعاني منها دول الاتحاد الأوروبي وعليها تدارك ذلك بسرعة حتى تحافظ على قدراتها العسكرية مستقبلاً من دون الاعتماد كما هو حالياً على دعم الولايات المتحدة الأميركية.
وحث الوزراء، في بيانهم الختامي، الدول الأوروبية على تدعيم التعاون في ما بينهم من اجل تقاسم أعباء استعمال الوسائل العسكرية في ظروف الأزمة المالية وتحولات استراتيجية. وأشار الوزراء إلى بعض الخطوات الإيجابية التي أُنجزت في إطار سياسة الدفاع الأوروبي وحققتها الوكالة الأوروبية للدفاع مثل برنامج «جو جو» للتمويل بالوقوع، والدعم الطبي وبرنامج التكوين على استعمال المروحيات، وكذا المراقبة البحرية، وتعتبر هذه الإنجازات مشجعة في إطار دعم وبناء سياسة دفاع أوروبية مشتركة.
الوزراء نادوا بهذه المناسبة الدول الأعضاء لحثها على بذل المزيد من المجهودات الإضافية في مجال المراقبة وجمع المعلومات والاستطلاع العسكري، لحماية مستقبل الأقمار الصناعية التجارية واختراع ذخائر ذكية إلى جانب تطوير الأمداد البحري. مجالات يعتبر الوزراء أنها بحاجة إلى دعم جدي ومجهود إضافي من اجل تحقيقها وإنجازها.
وعن العلاقات التقليدية بين حلف شمالي الأطلسي وسياسة الدفاع الأوروبية، فإن وزراء الدفاع اكدوا المنظومة الأوروبية الموحدة، مشددين على ضرورة وضع سياسة للتنمية المستدامة تتعلق بالتغييرات وتقاسم الأعباء على المدى الطويل. وحث الوزراء الدول الأعضاء على استكشاف المجالات التي تتطلب تحولات للبحث عن حلول مشتركة بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي التي لم تعد قادرة على حماية نفسها بطريقة منفردة.
وطالب الوزراء تلك الدول بضرورة البدء في البحث عن تجميع قدراتها العسكرية وعن دراسة طرق جديدة للاستثمار مستقبلاً، لأن العديد من الدول تنتج نفس الأسلحة وتتنافس في ما بينها، بينما هي في حاجة إلى أسلحة متنوعة. وهو ما اشار اليه البيان الختامي من ان الوزراء يحاولون تجميع كل هذه القدرات والإشراف على تنويعها بحيث تلبى رغبة وحاجات الدفاع الأوروبية بصفة جماعية.
وهو ما توصل اليه الخبراء والمحللين بأنه لم يعد بالإمكان مستقبلاً أن تحقق دولة بمفردها الدفاع الكامل عن نفسها من دون التعاون مع الآخرين والتعاون يتطلب بناء منظومة دفاع أوروبية تكلف وضع سياسة موحدة للاستثمار والإنتاج العسكري. الخبراء اشاروا الى صعوبة تحقيق التعاون بين دول الاتحاد؛ لأن الاشكالية تكمن في أن قطاع الدفاع هو قطاع السيادة الوطنية بامتياز ويصعب تجاوز هذا الحاجز رغم الإرادة السياسية المتوافرة.
وزراء الدفاع سيكونون امام تحدٍّ جديد، تبدأ بمشاركتهم في قمة واشنطن لحلف شمالي أفريقيا في شهر ايار المقبل، والتي سيجري فيها وضع استراتيجية دفاع مستقبلي للحلف، وسيجري التطرق فيها إلى العلاقات بين الدفاع الأوروبي والحلف الأطلسي الذي يتأرجح بين المطالبين بالاستقلال التام عن الناتو وبناء حلف عسكري أوروبي وبين الذين يرونه جزءاً من الحلف يحتاج فقط إلى تنسيق اكبر، وبين هذا وذاك لا تزال أوروبا تبحث عن تنظيمها الخاصة لحماية نفسها.