كما كان متوقعاً، فاز رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية الروسية من الدورة الأولى، بعد حصوله على 64 في المئة من الأصوات، وهو ما أثار اعتراض المعارضة التي تظاهرت في موسكو، فيما تراوحت ردود الفعل الغربية بين الترحيب الحذر، والتشكيك. وأعلنت اللجنة الانتخابية المركزية، أمس، أن المرشح الشيوعي غينادي زيوغانوف حل في المركز الثاني بحصوله على 17,18 في المئة من الأصوات، فيما حصل الملياردير الليبرالي ميخائيل بروخوروف على 7,7 في المئة والمرشح الشعبوي فلاديمير جيرينوفسكي على 6,24 في المئة، فيما حل الوسطي سيرغي ميرونوف في المرتبة الأخيرة مع 3,84 في المئة.
من جهته، أكد أحد قادة ائتلاف المعارضة ألكسي نافالني استمرار حركة الاحتجاج حتى الانتصار على سلطة بوتين. وأضاف نافالي أن فوز بوتين كان متوقعاً بما أنه عمل على تنظيم فوزه من الدورة الأولى. وعنونت صحيفة المعارضة الروسية «نوفايا غازيتا»، التي كانت إحدى وسائل الإعلام الداعمة لحركة الاحتجاج في الأشهر الماضية، بأن «النزهة انتهت»، مضيفة «يمكن إجراء انتخابات، لكن لا يمكن خداع الشعب». ورأى كاتب الافتتاحية في الصحيفة، كيريل روغوف، أن «الانتخابات جرت حسب إجراء لا يضمن شرعية الفائز».
بدورها، أجمعت الصحافة الروسية، أمس، على أن بوتين سيكون في مواجهة نقص في الشرعية خلال ولايته الثالثة في الكرملن رغم فوزه الساحق. وكتبت صحيفة «فيدوموستي» الاقتصادية أن «فلاديمير بوتين فاز في الانتخابات الرئاسية بفارق جيد»، لكن السلطة «لم تتمكن من زيادة شعبيتها» التي تضررت من جرّاء حركة الاحتجاج في الأشهر الماضية». كذلك كتبت صحيفة «نوفيي ازفستيا» أن بوتين «سيكون عليه من الآن فصاعداً أن يأخذ في الاعتبار رأي الأقلية».
من جهته، أكد الناطق باسم بوتين، ديميتري بيسكوف، أن «الرئيس» بوتين مستعد لبدء حوار مع قوى المعارضة ذات المواقف البنّاءة. وأضاف أن «بوتين كان ولا يزال وسيكون رجلاً براغماتياً في سياسته وغير ذلك من المجالات».
بدوره، وفي خطوة للتهدئة مع المعارضة، أمر الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف المدعي العام بالتحقق من «صوابية» الحكم في قضية الملياردير السابق ميخائيل خودوركوفسكي العدو اللدود للكرملن، إضافة إلى 32 شخصاً آخرين كانت المعارضة قد طلبت من مدفيديف التحقق من وضعهم. كذلك أمر مدفيديف بمراجعة شرعية رفض تسجيل حزب «بارناس»، أحد أبرز تنظيمات المعارضة الليبرالية.
واستمر الجدل بشأن نزاهة العملية الانتخابية، مع تأكيد المراقبين التابعين لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أمس، أن الانتخابات شهدت مخالفات كبيرة خلال احتساب الأصوات، بعد حملة «سُخّرت بوضوح» لمصلحة بوتين. وتابعت المنظمة أن «عمليات حشو صناديق اقتراع جرت. ففي 27 مركزاً لاحتساب الأصوات جرت مراقبتها (من أصل 98) لم تعرض بطاقات التصويت على كل الحاضرين، ولم تحتسب واحدة واحدة بطريقة شفافة». وأضافت المنظمة أن «هذه الانتخابات أظهرت أن هناك فائزاً واضحاً بغالبية مطلقة بدون الحاجة إلى دورة ثانية. لكن خيار الناخبين كان محدوداً، والتنافس الانتخابي لم يكن عادلاً، وغاب حكم مستقل».
مع ذلك، رأى المراقبون أن تنظيم الانتخابات الرئاسية كان أفضل من تنظيم الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في كانون الأول الماضي. وأكد رئيس البعثة تيني كوكس، في مؤتمر صحافي في موسكو أمس، أن المراقبين سيتحدثون عن نتائج عملهم في روسيا خلال الجلسة الخاصة التي ستكرسها الجمعية البرلمانية التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا للوضع في روسيا، خلال دورتها المقبلة في نيسان المقبل.
شكوك المنظمة شاركتها فيها المتحدثة باسم مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، مايا كوسيانسيتش، التي قالت إن الاتحاد يشارك المراقبين الدوليين في قلقهم بشأن «أوجه القصور» في الانتخابات الرئاسية الروسية، وطالبت موسكو بعلاجها.
وعلى الرغم من التقارير الأوروبية، رأى وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه، أمس، أن فوز بوتين «ليس محل شك» في بلاده، رغم وجود الانتقادات. وأكد «أن بوتين هو محاورنا للسنوات المقبلة»، وفي ما يتعلق بفرنسا فإن هدفنا هو تنمية شراكتنا مع روسيا، الشريك الاقتصادي المهم على كل المستويات.
في المقابل، أكد الناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أمس، أن نتائج الانتخابات الرئاسية في روسيا «حاسمة»، على الرغم من «المشاكل» التي حدثت.
من جهته، هنّأ أمس الرئيس الصيني هو جينتاو بوتين على فوزه في الانتخابات الرئاسية الروسية، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية ليو ويمين إن «الرئيس هو جينتاو وجه رسالة تهنئة إلى بوتين»، معتبراً أن «الانتخابات جرت بنجاح». وأضاف أنها «قضية داخلية روسية». كذلك هنّأ الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، بوتين «بفوزه المميّز» في الانتخابات الرئاسية.
(أ ف ب، رويترز)