بروكسل | يعدّ أندرياس راينيكه دبلوماسياً ألمانياً محنكاً له دراية واسعة في الشؤون الشرق أوسطية. فهو، قبل أن يعيّن مبعوثاً أوروبياً إلى المنطقة، كان سفيراً لبلاده في دمشق، وسبق أن شغل منصب مدير قسم الشرق الأوسط في الخارجية الألمانية، طوال عقد التسعينيات. الاستعانة براينيكه من قبل المفوضية الأوروبية تهدف إلى استعادة المبادرة من مبعوث اللجنة الرباعية الأوروبية، رئيس الوزارء البريطاني السابق طوني بلير، الذي استُحدث هذا المنصب خصوصاً له، سنة 2007 ، على أثر ضغوط أميركية وبريطانية بهدف تهميش المبعوث الشرق ـــ أوسطي السابق للاتحاد الأوروبي، الدبلوماسي البلجيكي مارك أوت، المعروف بمواقفه المتعاطفة مع حقوق الشعب الفلسطيني. مهمة راينيكه، مبعوثاً أوروبياً في الشرق الأوسط، ستكون شائكة للغاية، نظراً إلى ما تشهده المنطقة من أحداث وتطورات تهدد بقلب موازين القوى في أكثر من بلد عربي. بالطبع، ستكون أولى التحديات المناطة به محاولة إعادة الروح إلى عملية السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، انطلاقاً من مرجعية الاتحاد الأوروبي القائمة على حل الدولتين على أساس حدود الـ67.
لكن مساعيه ستصطدم، لا محالة، بالتعنّت الإسرائيلي، في ظل استمرار الاستيطان الذي يدينه الاتحاد الأوروبي. ولن تتساهل حكومة الكيان الغاصب مع المبعوث الأوروبي الجديد في هذا الشأن، وخاصة أنه قادم من «إحدى عواصم العدو»، دمشق، حيث اتسمت مواقفه في الأشهر الماضية، كسفير لألمانيا، بالكثير من الاعتدال، مقارنة بنظيريه الفرنسي والأميركي. كذلك فإن راينيكه سبق أن اصطدم بسلطات الاحتلال، عندما شغل منصب الممثل الدبلوماسي لبلاده في رام الله، على مدى 3 سنوات (2001 ـــ 2004) في عزّ الانتفاضة الثانية.
من المصاعب الأخرى التي ستضاف إلى تحديات المبعوث الأوروبي في الشرق الأوسط، أن ملف الصراع الفلسطيني ـــ الإسرائيلي تتولاه أيضاً اللجنة الرباعية التي سيبقى بلير مبعوثاً لها، ما يهدّد بازدواجية العمل الدبلوماسي الأوروبي، وتداخل في الصلاحيات بين مبعوث المفوضية (راينيكه) ومبعوث الرباعية (بلير). ومن المفترض أن يكون مبعوث المفوضية هو الأبرز، فهو الذي تعود إليه صلاحية إعداد التقارير الموجهة إلى وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، التي تعدّ المرجعية الأساسية في تحديد المواقف الدبلوماسية والسياسية للاتحاد. لكن المبعوث الأوروبي السابق، البلجيكي مارك أوت، اشتكى على مدى سنوات من تهميش عمله، وخاصة منذ تولّي بلير منصب مبعوث الرباعية.
لكل هذه الأسباب، سيحتاج راينيكه إلى كثير من الدعم السياسي من قبل الهيئات الاتحادية للاضطلاع بمهماته. وتقول المفوضة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن، كاترين أشتون، إن تعيين راينيكه «يمثّل التزاماً قوياً من الاتحاد الأوروبي بدعم عملية السلام في الشرق الأوسط»، وتؤكد أن «المبعوث الجديد سيؤدي دوراً أساسياً في الجهود الأوروبية والدولية الرامية إلى إعادة كافة الأفرقاء إلى طاولة المفاوضات».