أعلن دبلوماسيون في نيويورك، أمس، أن محادثات جرت أول من أمس في مجلس الأمن الدولي بشأن مشروع قرار روسي حول الوضع في سوريا استمرت أكثر من أربع ساعات، من دون أن يقترب أعضاء المجلس من اتفاق. وبحث خبراء من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس النص الروسي الجديد الذي اشتمل على تغييرات طفيفة على المشروع السابق الذي تقدمت به روسيا في كانون الأول كانت قد اقترحتها الدول الأوروبية والولايات المتحدة. وقبل بدء المشاورات، قالت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا أن مشروع القرار الروسي غير مقبول، في حين أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موقف الدول الغربية تجاه سوريا «منحاز إلى طرف واحد». وأكد لافروف أن روسيا سترفض نشر أي قوات في سوريا أو فرض أي عقوبات عليها. وقال «بالنسبة إلينا، الخط الأحمر واضح. لن ندعم فرض أي عقوبات»، مؤكداً أن أي دولة ترغب في أي تدخل عسكري في سوريا «لن تحصل على أي تفويض من مجلس الأمن الدولي».
وقال لافروف إن روسيا ستستخدم حق النقض لمنع أي مقترحات للتدخل العسكري في سوريا، بعدما عبّر أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن تأييده لإرسال قوات عربية إلى سوريا لوقف أعمال العنف، في أول دعوة من هذا النوع تصدر عن رئيس دولة عربية.
وقال لافروف إنه لا يجوز توريد السلاح إلى المسلحين و«المتطرفين» في سوريا، مضيفاً «من المعروف، ولم يقدم أحد على دحض ذلك، أن سلاحاً يصدّر إلى المسلحين والمتطرفين في سوريا، الذين يحاولون استغلال الاحتجاجات للاستيلاء على السلطة بالقوة كحد أدنى، ابتداءً من بعض الأقضية والمدن السورية. ورأى أن «هذا مرفوض، ومضر بنحو مطلق، لأنه لا يؤدي إلا إلى تصعيد العنف، بينما نحن ندعو إلى وقف كافة أشكال العنف في سوريا مهما كان مصدرها».
وكانت دمشق قد ردّت الثلاثاء بأنها ترفض نشر قوات عربية، مؤكدة أن الشعب السوري «سيتصدى لأي محاولة للمساس بسيادة سوريا وسلامة أراضيها». واتهمت صحيفة «تشرين» السورية قطر بتمويل المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد وتسليحهم. وكتبت الصحيفة في عددها الصادر أمس، عن دعوة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أن «هذا الذي لا يمانع في إرسال قوات عربية إلى سوريا هو نفسه منخرط حتى العظم في التسليح والتمويل والتدريب والتغطية على الإرهابيين الذين يقتلون مدنيين سوريين، وهو نفسه من يدافع عن سفّاكي الدماء من حملة البلطات والسواطير والسيوف... الذين يسمّيهم ثواراً».
تزامن ذلك مع قرار اتخذته دول الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات جديدة على 22 شخصاً وثماني منظمات أو مؤسسات إضافية بسبب تواصل أعمال القمع. واتخذ القرار على مستوى دبلوماسيين يمثلون دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، ومن المفترض أن يُتبنّى رسمياً الاثنين خلال اجتماع لوزراء الخارجية في بروكسل.
وستشمل الإجراءات الجديدة تجميد الودائع ومنع السفر إلى أوروبا، ما يوسّع اللوائح السوداء الموجودة.
بدوره، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما مجدداً إلى تغيير الحكومة قائلاً إن «مستوى العنف في سوريا غير مقبول»، فيما اتهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إيران وحزب الله بالمساعدة في دعم الرئيس بشار الأسد.
وقال كاميرون، للبرلمان في لندن، إن «بريطانيا بحاجة إلى أن تقود الجهود الرامية إلى التأكد من تشديد العقوبات.. حظر السفر وتجميد الأرصدة.. على سوريا».
من جهتها، دافعت بكين من جديد عن خطة للخروج من الأزمة في سوريا تحت إشراف الجامعة العربية، معتبرة أن مهمة المراقبين فيها «فعالة» وأن على مجلس الأمن التشجيع على «حوار سياسي»، حتى لو أن مهمة المراقبين العرب تعرضت لانتقادات كثيرة بسبب عجزها عن وقف إراقة الدماء.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ليو وين مين إن الصين أيّدت مراقبي الجامعة العربية في سوريا وجهود الجامعة لنزع فتيل الصراع هناك، وأشار إلى أن بكين مستعدة لمناقشة الملف السوري في مجلس الأمن. وأضاف «تقدّر الصين جهود روسيا البنّاءة للتغلب على الأزمة في سوريا، وتريد مواصلة المشاركة في المشاورات على أساس المسوّدة الروسية (للقرار)».
وعشية زيارة وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي للقاهرة، نقلت وكالة الأنباء الإيطالية (أكي) عن المتحدث باسم وزارة الخارجية ماوريتسيو ماساري قوله إن «تدخلاً لحلف شمالي الأطلسي (الناتو) في سوريا غير ممكن وليس وارداً».
ميدانياً، وفيما تحدثت أنباء عن سقوط خمسة قتلى في اشتباكات في حمص ومحافظة إدلب، قال سكان في الزبداني إن الهدنة الهشة صمدت أمس في البلدة الواقعة قرب الحدود مع لبنان حيث تحارب القوات الحكومية مسلحين معارضين.
وكانت جهات معارضة أعلنت أول من أمس عن اتفاق جرى التوصل إليه أول من أمس، هو أن «ينسحب الجيش، وأن ينسحب مسلّحو المعارضة من الشوارع وتزال الحواجز في الزبداني». لكنّ الجهات الرسمية السورية لم تعلّق على هذه التصريحات.
من جهة أخرى، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أنه عُثر على جثمان طبيب في حي البياضة في حمص «كانت اختطفته مجموعة إرهابية مسلحة قبل أيام»، مشيرة إلى وجود «آثار للتنكيل والتعذيب، وأنه توفي خنقاً على أيدى الإرهابيين الذين اختطفوه». كذلك أشارت الوكالة إلى مقتل مهندسة في محردة التابعة لريف حماة (وسط) «متأثرة بجروحها التي أصيبت بها أمس جرّاء تعرّضها لطلق ناري في الرأس من قبل مجموعة إرهابية مسلحة أمس».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)