بعد خمس سنوات على هزيمته في ولاية نيوهامبشير، في انتخابات 2008 التمهيدية، استطاع المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، ميت رومني (الصورة)، أن يربح معظم أصوات الناخبين الجمهوريين في الولاية، أول من أمس، بنسبة بلغت 39.4 في المئة، لينهي بذلك مسألة كانت تقض مضجعه مذ ذاك. ولم يخب ظن شركات الإحصاءات؛ إذ صدقت توقعاتها وحلّ السيناتور رون بول ثانياً مع 22.8 في المئة من الأصوات، وسفير واشنطن السابق لدى بكين، جون هانتسمان، ثالثاً مع 16.8 في المئة. وتوالى المرشحون البقية: نيوت غينغريتش رابعاً مع 9.4 في المئة، ريك سانتوروم خامساً مع 9.3 في المئة، ريك بيري سادساً مع 0.7 في المئة، وتشارلز رومر سابعاً مع 0.4 في المئة، فيما لم تتقدم ميشيل باكمان إلى انتخابات الولاية، مفضلة التركيز على المراحل المقبلة.نتيجة رومني الكبيرة لم تقابل بالتفاؤل بين جميع الجمهوريين والمحافظين. فبعض المتحمسين لغينغريتش رأوا أنّ الرقم الذي حققه رومني ليس صحياً، ولا ينبغي أن يكون الفرق بتلك الضخامة بين المرشحين. في المقابل، رأى آخرون أنّ النسبة قليلة، مقارنة بخمس سنوات قضاها رومني يعمل على كسب الجمهور في نيوهامبشير منذ خسارته الانتخابات التمهيدية فيها المرة الأخيرة. ويضيف هؤلاء أنّ نسبة الخمسين في المئة من الأصوات هي الأكثر تعبيراً عن التمثيل الصحيح.
لكن بعيداً عن الحساسيات الحزبية، يمكن اعتبار نتيجة رومني جيدة جداً له، قبل استحقاق ساوث كارولاينا التي ستكون صعبة عليه.
وقد يكون السيناتور المخضرم رون بول الأكثر قدرة على مجاراة رومني في الأسابيع المقبلة، بسبب قاعدته الواسعة الثابتة منذ سنوات، وقدرته على جمع التبرعات، بسبب علاقاته المتشعبة. لكن في النهاية، قد لا يستطيع الصمود أمامه إذا وقفت أبرز أسماء «الحزب الكبير» (الجمهوري) وراء منافسه في طريقه إلى السادس من تشرين الثاني المقبل.
الخيبة الأولى في انتخابات الثلاثاء، عاناها هانتسمان الذي كان يتوقع أن يحل ثانياً، بسبب تركيزه الكبير على الولاية، لكونها تؤمن 12 مندوباً إلى المؤتمر الحزبي الذي يعقد في آب المقبل، لتحديد اسم الفائز الرسمي بالترشيح. وهو صرف أموالاً طائلة منذ أسابيع على حملته في نيوهامبشير، ولم يكن يتوقع النتيجة التي حصل عليها. ويبدو أنّ نتيجته قد تؤثر على حظوظه في الاستمرار بالترشح؛ إذ يعتمد هانتسمان على أموال والده، الملياردير، لدعمه. ومساء الثلاثاء رفض الوالد الإجابة عن سؤال يتعلق باستمرار دعمه المادي لابنه. ويحتاج هانتسمان إلى أموال والده؛ لأنّ المعركة الإعلانية محتدمة بين الجميع؛ إذ شهدت نيوهامبشير نشر 2800 لوحة إعلانية للمرشحين، ورفعت في ساوث كارولاينا، المرحلة المقبلة من الانتخابات التمهيدية التي ستجري في 21 الشهر الجاري، 5500 لوحة. لكن هانتسمان الابن، أعلن بعد صدور النتائج أول من أمس عزمه على الاستمرار؛ لأنّ «المركز الثالث يمنح بطاقة للمضي قدماً».
الخيبة الثانية لحقت بالمرشح ريك سانتوروم، الذي حل ثانياً في المرحلة الأولى. فنسبة أقل من عشرة في المئة من الأصوات، ليست جيدة لأي مرشح جاد ينوي المضي قدماً إلى النهاية. لكنّ الفشل في نيوهامبشير قد يلام عليه سانتوروم نفسه؛ إذ وصل إلى الولاية متأخراً عن أقرانه، وصرف كل الفترة الأخيرة قبل بدء الانتخابات التمهيدية مركزاً على آيوا. ويقول البعض إنّ حملته لم تكن بالتنظيم نفسه كما كانت في المرحلة السابقة. كذلك لم يمول أي إعلان تلفزيوني، ما أثر سلباً عليه، واعتمد فقط على المقابلات التلفزيونية التي كثرت بعد مركزه الثاني الأسبوع الماضي. لكنّ المحيطين بسانتوروم يدافعون عن نتيجته تلك بأنّه يركز على ساوث كارولاينا التي تتوافق ميول غالبية سكانها التقليدية مع ميول سانتوروم المحافظة. لكن الأمور ليست بذلك السوء بالنسبة إليه، فهو رغم نتيجته الهزيلة جمع في الأسبوع المنصرم 3 ملايين دولار تبرعات، في زيادة ملحوظة عن المليوني دولار التي جمعها في تسعة أشهر. ويريد سانتوروم أن يخطف ناخبي ساوث كارولاينا الإنجيليين من رومني، فهذا الأخير خسر فيها في 2008، بسبب خوف الناخبين من ديانته (ينتمي إلى كنيسة المورمون). لذلك، بدأت إعلانات سانتوروم تنتشر في الطرقات مع عنوان واضح «الإيمان، العائلة، الحرية»، ربما كي ينسى الناخبون أنّه كاثوليكي.