نواكشوط | أقرّ البرلمان الموريتاني، أول من أمس، تعديلات دستورية مهمة تحدّ من سلطات رئيس الجمهورية، وتمنح البرلمان ورئيس الوزراء صلاحيات سياسية أوسع. وجاء ذلك في إطار خطة إصلاحية تهدف إلى إعادة ترتيب التوازنات بين السلطات الثلاث، الرئاسية والتنفيذية والتشريعية. ورافقت النقاش البرلماني في هذه التعديلات الدستورية تجاذبات محتدمة بين نواب المعارضة والموالاة. وتهجّم النائب عن الغالبية الحاكمة، الخليل ولد الطيب، على نواب حزب المعارضة الأبرز «تكتل القوى الديموقراطية»، متهماً إياهم بأنهم «أول من شرّع الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، والذي أطاح نظام ولد الشيخ عبد الله»، مستغرباً معارضتهم له لاحقاً، بعدما عاد إلى الحكم بطريقة ديموقراطية عن طريق الانتخابات. ولم يتأخر ردّ نواب المعارضة، فتهجّم النائب المعارض عبد الرحمن ولد ميني على الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، قائلاً «إنه عندما تولى الحكم، وصف جميع الأنظمة التي عرفتها موريتانيا، منذ عهد الرئيس المؤسس المختار ولد داداه إلى الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله بأنّها أنظمة فاسدة. لكن الرئيس عبد العزيز عاد وأفسد كل شيء. وتحول نظامه من نظام يرفع شعار محاربة الفساد إلى ممارس للفساد والظلم». وذكّر بأن «الفائض الذي سُجِّل في ميزانية الدولة عام 2006، لم يسجَّل في أي ميزانية لاحقة منذ وصل ولد عبد العزيز إلى الحكم».
ورغم التجاذبات والنقاشات الحادة التي تخلّلت الجلسة، فإنّ البرلمان صدّق بالغالبية على التعديلات الدستورية. وأجمع النواب على أن هذه التعديلات تمثّل نقلة نوعية في الحياة السياسية، ومن شأنها أن ترقى بالإصلاحات نحو تكريس الديموقراطية والفصل بين السلطات. وبموجب هذه التعديلات، يصبح رئيس الوزراء رئيساً للحكومة، وليس مجرد وزير أول معيَّن من قبل رئيس الجمهورية وتابع له. أما الحكومة، فستكون نابعة من الغالبية البرلمانية، وستكون مسؤولة فقط أمام البرلمان الذي تعود إليه صلاحية منحها الثقة أو حجبها عنها. وشملت التعديلات الدستورية البرلمان، حيث نصّت على منع ما يُسمى «الترحال السياسي» للنواب، أي انتقالهم إلى صفوف حزب مغاير للحزب الذي انتُخبوا على قوائمه.
وأقرّت أيضاً إجبار النائب البرلماني على التنازل عن مقعده إذا عُيّن في الحكومة، على أن يستعيد مقعده عند خروجه من الوزارة. ونصّت على أن تبقى الدورة البرلمانية مفتوحة طوال العام، باستثناء أربعة أشهر من العطلة الصيفية.



في هجومه على المعارضة، قال النائب عن الغالبية الحاكمة، الخليل ولد الطيب، إنّ نواب «تكتل القوى الديموقراطية» يتلاعبون بمشاعر المواطنين لتحقيق أهداف سياسية ضيقة، من خلال تسجيل مواقف معينة». وحمل أيضاً على نواب حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية بسبب معارضتهم، قائلاً إن «عليهم أن يتذكروا أن حزبهم كان أول من انشق عن «الجبهة الوطنية للدفاع عن الديموقراطية» وانقلب عليها».