مقديشو | شهد مجلس الشعب الصومالي أمس اشتباكاً بالأيدي هو الخامس من نوعه، خلال أقل من شهر، بين أعضاء من البرلمان الانتقالي المنقسمين ما بين مؤيّد لرئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم، وبين من يدّعون أنهم سحبوا الثقة منه في الثالث عشر من الشهر الماضي، لتتحول الجلسات البرلمانية إلى حلبة مصارعة دموية. وأفادت مصادر طبية بأن خمسة نواب جرحوا في جلسة أمس، من ضمنهم نائب وزير الداخلية السابق إبراهيم إسحاق يرو الذي تعرض لضربات كرسي من تحالف معارض يحاول انتخاب رئيس جديد للبرلمان الذي ستنتهي مدته قبل منتصف هذا العام.
وتعالت الأصوات بسقوط رئيس البرلمان الذي أعلن أنه يجب على النواب أن يجمعوا تواقيع سلاطين قبائلهم قبل 15 من شهر حزيران المقبل ليكونوا ممثلين في البرلمان الفدرالي الجديد في 1 تموز، قبل نهاية مدة الحكومة الانتقالية في 20 آب.
وقال النائب محمد محمود جوليد، المنتمي إلى مجموعة النواب التي سحبت الثقة من شيخ آدم، إنهم سينتخبون رئيساً جديداً للبرلمان «حتى لو دفع رئيس البرلمان مليون دولار»، مشدداً على أن المجلس التشريعي هو الذي يقرر مصير الشعب والبلاد. كذلك رفض الدعوة التي وجهتها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة «إيغاد» الإقليمية لضرورة الاحترام الكامل لاتفاق كمبالا الذي ينص على أنه خلال فترة السنة الأخيرة لعهد الحكومة الانتقالية لا يمكن النواب أن يطرحوا في جلساتهم مسائل حجب الثقة عن رئيس الصومال ولا عن رئيس البرلمان.
من جهته، رفض رئيس البرلمان أن يتخلى عن منصبه، مشيراً إلى أن البرلمانيين الذين التقوا في مجلس النواب لسحب الثقة منه، عددهم أقل من العدد المطلوب لافتتاح جلسة، ولا يمكنهم أن يعقدوا اجتماعاً يرأسه أحد منهم بدلاً من النائب الأول لرئيس المجلس الموجود في العاصمة مقديشو.
أما الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد، فانحاز إلى رئيس البرلمان بإصداره قراراً يعلن فيه أن شريف حسن شيخ آدم هو الرئيس الشرعي لمجلس البرلمان، وهدّد باللجوء إلى القضاء في مواجهة كل من يحاول عرقلة صياغة الدستور الوطني، وتعيين اللجنة الوطنية للانتخابات، وبرامج الحكومة الانتقالية الهادفة إلى تطبيق خطة خارطة الطريق التي تمهّد لانتخاب برلمان فدرالي مركزي جديد يضم 225 عضواً من ممثلي جميع القبائل الصومالية بدلاً من 550 نائباً يتكوّن منهم حالياً البرلمان الانتقالي الفدرالي.
وبرهنت جلسات البرلمان الصومالي، خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، عن وجود مناخ جديد وغير معتاد يحمل إشارات تمرّد ضد رئيس البرلمان، ولا سيما بعدما اعتاد الصوماليون اندلاع خلافات بين المشرعين عند مناقشة أي برامج حكومية أو منح أو حجب الثقة عن رؤساء الترويكا الثلاثة (الجمهورية، البرلمان والحكومة)، بوصف الخلاف «سر حصولهم على الأموال الكافية لتغطية الديون من إيجارات الفندق والسيارة».
كذلك عكست أيضاً موجة الانسحابات، التي لم تكن متوقعة، فداحة التصدع الذي هزّ بنيان الهيكل التشريعي الصومالي الذي انقسم إلى شطرين، كل منهما يهدد تارة بالقانون وتارةً أخرى بالاحتكام إلى قانون الغابة والنزول إلى القواعد لحسم الموقف لمصلحته.
وفيما ينتظر المراقبون ما ستؤول إليه الأحداث المتسارعة، وخصوصاً في ظل إصرار عدد من النواب على حجب الثقة عن رئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم المدعوم من مكتب السياسة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لم يعد من الممكن إخفاء الإحباط الكبير الذي أصيب به الكثيرون بسبب الخلاف الدائم بين البرلمانيين الصوماليين المتهمين باستقطاب الأموال من الأطراف المتنازعة، وخصوصاً بعدما أدى الخلاف بين النواب الصوماليين منذ تأسيس البرلمان الانتقالي في سنة 2004 حتى الآن إلى عشرات الاشتباكات بالأيدي، خلال الجلسات، تصل أحياناً إلى حد استخدام الأحذية والكراسي والميكروفونات، فضلاً عن استعمال الصفارات وتراشق الألفاظ النابية والشتائم.
ويأمل الصوماليون الذين عايشوا طوال السنوات الماضية غياب دولة القانون أن ينهي الصومال، كما هو مقرر، برامج الحكومات الانتقالية وينتقل إلى حكم مركزي ديموقراطي في نهاية شهر آب المقبل، وذلك بعد 21 عاماً من حرب ضروس وقبضة أمراء الحرب وجماعات إسلامية متشددة وحكومات انتقالية هشة، ما أدى إلى اتخاذ الدول المجاورة للصومال قرارات بنشر قواتها في البلاد في محاولة لإعادة تهدئتها و«صد العدوان الإرهابي المتزايد فيها»، على حدّ قولها.