توزّعت التصريحات الأميركية والإيرانية المتصلة بحرية التحرك في مضيق هرمز الاستراتيجي، على أجواء تحدٍّ ممزوجة بالتهدئة في آن واحد، حين ردّت وزارة الدفاع الأميركية على قائد الجيش الإيراني، الجنرال عطاء الله صالحي، بالتأكيد أن واشنطن ستواصل نشر سفنها الحربية في الخليج «مثلما فعلت لعقود»؛ فقد شددت على أنها لا تسعى إلى توتير الأجواء مع إيران.
وأعلن المتحدث باسم «البنتاغون»، الجنرال بيل سبيكس، في ردّ أرسل عبر البريد الإلكتروني على أسئلة لوكالة «رويترز»، أن «هذه تحركات (للبحرية الأميركية) مقررة بانتظام، وبما يتفق مع التزاماتنا الطويلة الأمد بأمن المنطقة واستقرارها، وبما يدعم العمليات المستمرة». وتابع المسؤول الأميركي: «تعمل البحرية الأميركية بموجب مواثيق بحرية دولية للحفاظ دائماً على حالة من اليقظة الشديدة، لضمان استمرار حركة المرور البحرية بنحو آمن في ممرات حيوية للتجارة العالمية». لكنه أوضح أن واشنطن «لا تسعى إلى مواجهة بشأن مضيق هرمز، ومن المهم خفض درجة الحرارة»، في ما يشير إلى نبرة تهدئة بعدما بلغت التهديدات والتهديدات المقابلة ذروتها في الأيام الماضية. وقد وضع البيت الأبيض التهديدات التي وجهتها إيران إلى واشنطن في خانة «الدليل على ضعفها وعلى فعالية العقوبات المفروضة عليها بشأن برنامجها النووي». ورداً على سؤال عن التوتر المتزايد بين الدولتين في مضيق هرمز وتهديد إيران بإقفاله، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن «هذا يكشف أن إيران هي في موقع ضعف وعزلة دولية، وأنها تواجه مشاكل اقتصادية من العقوبات وتريد صرف الانتباه عن مشاكلها المتزايدة».
وكان قائد الجيش الإيراني قد نصح أمس «حاملة الطائرات الأميركية التي عبرت مضيق هرمز والموجودة في بحر عمان بعدم العودة إلى الخليج الفارسي»، محذّراً من أن «جمهورية إيران الإسلامية لا تعتزم تكرار تنبيهها، وهي لا تحذر إلا مرة واحدة».
ويشير صالحي في تهديداته إلى حاملة الطائرات الأميركية «جون سي ستينيس»، كبرى السفن الحربية الأميركية التي عبرت مضيق هرمز باتجاه الشرق عبر خليج عمان قبل يومين، حيث كانت تجري البحرية الإيرانية مناورات.
من جهته، قال قائد البحرية الإيرانية الأميرال حبيب الله سياري، لتلفزيون «العالم» الحكومي الناطق بالعربية: «يمكننا الحفاظ على أمن الخليج ولا حاجة لوجود قوات أجنبية. إيران تتحرك استناداً إلى القانون الدولي والقوات الأجنبية لا يمكن أن توجد في مياهنا الإقليمية». تحذيرات تأتي بعد يوم واحد من انتهاء مناورات إيرانية استمرت عشرة أيام عند مدخل الخليج، وشملت إطلاق ثلاثة صواريخ مخصصة لإغراق القطع البحرية. وفي السياق، كشف قائد أركان القوات المسلحة الإيرانية، الجنرال حسن فيروز آبادي، أن الحرس الثوري الإيراني سينظم بدوره مناورات في منطقة الخليج.
في المقابل، كشف مساعد وزير الطاقة الإيراني، علي ذبيحي، أنه خلال شهر شباط المقبل، ستشغَّل محطة بوشهر النووية بالكامل، وهي التي تعمل حالياً بحدود50 في المئة من طاقتها الإجمالية. ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء عن ذبيحي قوله إن تشغيل المحطة سيكون «خلال الاحتفالات بذكرى انتصار الثورة الإسلامية في شباط المقبل».
من جهة أخرى، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، فاديم كوفال، لوكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، أن «إيران لا تملك تكنولوجيا إنتاج صواريخ بالستية عابرة للقارات ذات مدى متوسط أو بعيد حتى للاختبار، ولن يكون لديها مثل هذه الصواريخ في المستقبل القريب». وأشار إلى أن القيادة العسكرية الروسية تتابع باهتمام إنتاج وتطوير منظومات الصواريخ الاستراتيجية العابرة للقارات في البلدان الأجنبية، ومن بينها إيران. وتابع كوفال: «حتى لو فرضنا أنه في المستقبل البعيد سيُنتَج مثل هذه الصواريخ في إيران، فمن الخطأ اعتبار أنها دخلت الخدمة الفعلية وأنها جاهزة للاستخدام فوراً».
في غضون ذلك، رفض الاتحاد الأوروبي طلب إيران تحديد «مكان وزمان» لاستئناف المفاوضات النووية المتوقفة منذ عام بين طهران والدول الغربية الست. وأشار المتحدث باسم مفوضة الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي، مايكل مان، إلى أن «الكرة في الملعب الإيراني»، مشدداً على أن الاتحاد الأوروبي لا يزال ينتظر رد طهران على رسالته التى وجهها إلى القادة الإيرانيين في تشرين الأول الماضي. يذكَر أن آشتون طلبت في تلك الرسالة من طهران أن «تؤكد إرادتها في تبديد الهواجس المتعلقة بطبيعة برنامجها النووي». ورأى مان أنّ «على الإيرانيين أولاً الرد على هذه الرسالة، ثم نرى». وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست قد أشار إلى أن طهران تنتظر أن تقترح وزيرة الخارجية الأوروبية «مكاناً وزماناً للمفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1» (الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين وألمانيا). حديث مفاوضات تزامن مع تلويح جديد بزيادة العقوبات الأوروبية بحق إيران، ترجمه كلام وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه عن أن «الوقت قد حان لفرض عقوبات أكثر صرامة تتماشى مع اقتراحات تقدم بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في أواخر تشرين الثاني» الماضي. ونقلت قناة «إي تيليه» الفرنسية عن جوبيه قوله إن «فرنسا تريد تشديد العقوبات وتقدم الرئيس (ساركوزي) باقتراحين ملموسين في ما يتعلق بهذا الأمر، الأول هو تجميد أصول البنك المركزي الإيراني وهو إجراء صارم، والثاني فرض حظر على صادرات النفط الإيرانية». وأوضح أن واشنطن بدأت بالفعل عملية فرض هذه العقوبات، واستطرد بالتشديد على رغبة باريس في أن يتخذ الاتحاد الأوروبي خطوة مشابهة بحلول 30 كانون الثاني الجاري «لإظهار إصرارنا».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)