عطّلت أعلى سلطة قضائية إدارية في تركيا، أمس، مرسوماً حكومياً يجبر عناصر الشرطة على إعلام رؤسائهم قبل تنفيذ أي عملية اعتقال، فيما تعهدت القوات المسلحة «عدم التدخل في فضيحة الفساد التي تعصف في البلاد».وفي بيان للقوات المسلحة، أشارت إلى أنها «تفادت أي نوع من الضرر قد يلحق بهوية القوات المسلحة التركية، وستحرص بشدة على تفادي الجدل السياسي وتراقب عن كثب وبحذر التحقيق في قضية الفساد المفتوحة في البلاد». وفي مؤشر واضح على تصاعد الأزمة، أعلن ثلاثة نواب، من بينهم وزير سابق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، انسحابهم من هذا الحزب أمس.
ومن بين هؤلاء وزير الثقافة السابق ارتورول غوناي، الذي اتهم حزب العدالة بعرقلة عمل القضاء في التحقيق ضد الفساد.
من ناحيته، أوضح نائب رئيس الوزراء، بولند أرينج، أنه ينبغي للبرلمانيين في حزب العدالة والتنمية، توخي الحذر في تصرفاتهم التي قد تسبب أضراراً للحكومة ورئيس الوزراء والحزب.
بدوره، أوضح رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، أن الاستقرار والأمن هما كلمتا السر اللتان حققتا لتركيا النجاحات التاريخية عبر السنوات الـ 11 الماضية، وأن العملية التي جرت تحت مسمى «مكافحة الفساد»، هي عبارة عن عائق جديد يوضع في وجه نمو تركيا الجديدة.
وقال في جامعة سقاريا (غرب)، إن «أمام تركيا خياران لا ثالث لهما، فإما العودة إلى تركيا القديمة، حيث الخاسر هو تركيا والمستفيد هم عدد من الأشخاص، أو بناء تركيا الحديثة، التي يكون الرابح فيها البلاد، ويكون الخاسر فيها أولئك الأشخاص».
وتابع: «من على هذا المنبر أتقدم بشكوى ضد المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، الذي أصدر بياناً ينتهك المادة 138 من الدستور التركي، في الوقت الذي تقوم فيه المحكمة الاستشارية العليا بالنظر في القضية المتعلقة بالشرطة القضائية ومداولتها، لكن من ذا الذي يمتلك القدرة الآن على محاكمة المجلس الأعلى؟ بالطبع الشعب هو الذي سيحاكمهم».
وعقد المجلس الأعلى للقضاة، اجتماعاً أمس، من دون حضور وزير العدل بصفته الرئيس الدستوري للمجلس. وأقر إصدار بيانٍ انتقد المادتين الثانية والثالثة من القانون الداخلي لتنظيم الشرطة القضائية، معتبراً أن المادتين تتعارضان مع مبدأ الفصل بين السلطات.
وفي وقت لاحق، وصف وزير العدل، بكر بوزداغ، البيان الذي أصدره المجلس، بأنه يتعارض مع استقلال القضاء، وهو بمثابة تلقين وفرض رؤى محددة على المحاكم والقضاة، فضلاً عن أنه انتهاكٌ صريح للمادة 138 من الدستور التركي.
وشدد على أن ما من شخص أو هيئة أو مجلس بإمكانه استخدام سلطة غير مستمدة من الدستور والقوانين، كذلك إن المؤسسات غير مخولة باستحداث قوانين خاصة بها خارج نطاق الدستور والقوانين المرعية، والمادة 138 من الدستور التركي تنص على أنه «لا يمكن أي عضو أو منصب أو مرجع أو شخص، إصدار أوامر أو تعليمات أو ارسال تعميمات أو توصيات أو تلقين المحاكم والقضاة حول كيفيّة ممارسة سلطاتهم القضائية».
وعطّل مجلس الدولة، مرسوماً حكومياً نُشِر الأحد الماضي، يجبر موظفي الشرطة على إبلاغ رؤسائهم قبل إجراء أي عمليات توقيف يأمر بها القضاء. واعتبر هذا الإجراء أداة للحكومة الاسلامية التي طاولتها عدة عمليات تحقيق في الفساد، للسيطرة على الشرطة. ورداً على حملة توقيفات واسعة ضد الفساد جرت في 17 كانون الاول وطاولت الكثير من مقربيه وشوهت صورته، اطلق أردوغان عملية تطهير غير مسبوقة في صفوف الشرطة متهماً اياها بعدم إطلاعه على اجراء تحقيق واسع حول الفساد.
إلى ذلك، وبسبب الأزمة السياسية هذه، انخفض سعر الليرة التركية مجدداً أمس الى أدنى مستوى تاريخي لها لتبلغ 2,1467 مقابل الدولار.
(الأناضول، أ ف ب)