يبدو أن دعوة الوساطة الأفريقية التي وجهها وفد «ايغاد» من جوبا عاصمة جنوب السودان أمس الى جميع الأطراف المتنازعة للجلوس حول طاولة المفاوضات والابتعاد عن العنف، قد حققت نتائجها بسرعة، إذ وعد الرئيس سلفا كير ميارديت، وخصمه النائب السابق للرئيس رياك مشار، بعثة الوساطة بـ«اجراء حوار غير مشروط»، حسبما قال السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة، جيرار آرو. وكان آرو يقدم لوسائل الإعلام إحاطة عن المشاورات العاجلة في مجلس الأمن الذي يرأسه في كانون الاول حول تدهور الوضع في جنوب السودان، حين قال: «تبلغنا ان الرئيس والنائب السابق للرئيس وأرملة (القائد التاريخي للتمرد الجنوبي) جون قرنق وافقوا على ما يبدو على اجراء حوار غير مشروط».
وأضاف آرو: «إنها أزمة سياسية يمكن أن تفضي الى حرب أهلية اذا لم يجر التوصل الى حل لها عبر الحوار».
وبدأ وزراء خارجية جيبوتي وإثيوبيا وكينيا وأوغندا والسودان في جوبا مساعي سلام في اطار السلطة الحكومية للتنمية (ايغاد).
وفي نهاية مشاورات أُجريت أمس في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، تبنى مجلس الأمن بالإجماع إعلاناً غير ملزم يدعو سلفا كير ومشار، الى «تحمل مسؤولياتهما... والى توجيه دعوة لوقف الأعمال الحربية والبدء الفوري بحوار». وأدان الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن «بأشد العبارات المعارك وأعمال العنف التي تستهدف المدنيين وبعض المجموعات الإتنية». وانتقدوا خصوصاً الهجوم على قاعدة الأمم المتحدة في اكوبو (ولاية جنقلي، شرق) الذي قتل خلاله شبان من اتنية «النوير» نحو 20 مدنياً من اتنية «دنكا» واثنين من عناصر الأمم المتحدة الهنود.
وأعرب مجلس الامن عن دعمه لمهمة الامم المتحدة في جنوب السودان، و«شجعوها على الاستمرار في تأدية مهمتها بشكل كامل، وخصوصاً في حماية المدنيين وطلبوا من السلطات في جنوب السودان تقديم الدعم الكامل لها ومساعدتها على القيام بذلك».
وفيما قال وزير الخارجية، بارنابا ماريال بنجامين، لوكالة «رويترز» إن «الرئيس كير كان يقول دوماً إنه لا يريد لشعبه أن يعود الى الحرب مرة أخرى... لهذا السبب تتفاوض الحكومة مع كثير من جماعات الميليشيات»، أعلن وزير الخارجية الإثيوبي، توادروس أدهانوم، أن المحادثات التي أجريت بين كير والوسطاء الأفارقة تمضي جيداً.
وقد أعلنت الحكومة السودانية مبادرتها لجنوب السودان لتقريب الرؤى ووقف الصراع على لسان وزير خارجيتها علي أحمد كرتي، معبراً عن قلق بلاده من أثر الأزمة هناك على بلاده، قائلاً لقناة «روسيا اليوم»، إن السودان يتأثر بما يجري في جنوب السودان سلباً وإيجاباً وإن أمن الجنوب هو أمن السودان، وذلك لما بين البلدين من روابط وأواصر
متينة».
ميدانياً، أكد مشار أمس سقوط مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي في أيدي المنشقين المناوئين للرئيس سلفا كير، بعد أن أعلن الفريق المنشق فيتر قديت استيلاءه على المدينة ونصّب نفسه حاكماً لها منذ الأربعاء الماضي.
وكان قديت قد انشق بكافة القوات والأسلحة التابعة للحكومة، والتي كانت بحوزته اضافة الى الفرق التي كانت تحت قيادته.
من ناحيته، قال رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي في جنوب السودان، الفريق جيمس هوث ماي، إن القوات الحكومية لا تزال تسيطر على ولاية الوحدة (غرب) التي تقع فيها معظم الآبار الرئيسية للبترول، نافياً صحة المعلومات التي تتحدث عن فقدان الجيش للسيطرة على الولاية.
وأشار هوث ماي، أمس، إلى مقتل 3 أشخاص، أول من أمس، في مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة في اشتباكات مختلفة، دون أن تتأثر الآبار بتلك «التفلتات القليلة».
قال الرئيس الأميركي، إن الولايات المتحدة نشرت 45 جندياً في جنوب السودان لحماية السفارة الأميركية وموظفيها هناك، بينما أفاد متحدث باسم الجيش الأوغندي، بأن أوغندا أرسلت قوات الى جنوب السودان للمساعدة في إجلاء رعاياها، رغم ان مصدرين عسكريين قالا ان القوات ستساعد أيضاً في تأمين العاصمة جوبا التي تبعد نحو 75 كيلومتراً عن الحدود الأوغندية.
(أ ف ب، رويترز)