القاهرة | على الرغم من أهمية ما حصل في جوبا في اليومين الماضيين، إلا أن موقفاً واضحاً من الحكومة المصرية لم يصدر، يوضح موقف القاهرة تجاه أزمة في بلد تجمعها وإياه مصالح استراتيجية وأمنية. واكتفت السلطات المصرية بمتابعة ما يحصل عبر بيان جماعي صدر عن جامعة الدول العربية. مصدر في وزارة الخارجية المصرية مطلع على ملف العلاقات مع جنوب السودان، أوضح لـ «الأخبار» أن سبب عدم صدور أي بيان عن وزارة الخارجية سببه وجود وزير الخارجية المصري نبيل فهمي خارج البلاد، وعدم وجود أي تعليمات منه، وحتى لا يفهم التعليق المصري محاولة للتدخل في شؤون دولة صديقة.
وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن القاهرة تتابع فقط ما يجري على الأرض في جوبا، وتتمنى عودة الاستقرار إلى شعب جنوب السودان.
مصادر متابعة في جوبا ذكرت لـ «الأخبار» أن البعثة الطبية المصرية الموجودة في جوبا تحفظت على مساعدة الجرحى والمصابين في الاشتباكات من المدنيين والعسكر، وتذرعت بعدم وصول تعليمات من القاهرة.
أما جامعة الدول العربية، التي تنتظر ضم جنوب السودان إلى عضويتها، فقد دانت أمانتها العامة بشدة ما وصفته بـ «محاولة الانقلاب الفاشلة»، التي استهدفت عرقلة الجهود الرامية لتحقيق الوفاق الوطني، وعلاقات حسن الجوار مع جمهورية السودان.
وأكدت الأمانة العامة للجامعة العربية، في بيان صحافي أصدرته أمس ، دعمها لرئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وحكومته، في تحقيق الأمن والاستقرار، وتضامنها مع شعب جنوب السودان في تحقيق تطلعاته في التنمية والازدهار، مشيرةً إلى أنها تتابع تطورات الأحداث في جمهورية جنوب السودان.
في سياق متصل، أكدت مصادر دبلوماسية عربية في جوبا لـ «الأخبار» أن هناك دراسة ومقترحات لوساطة عربية وترحيب للحوار بين الرئيس سلفا كير ونائبه مشار، لسرعة التوصل إلى وفاق وطني لاستقرار الدولة الحديثة، التي لم يمضِ على انفصالها عن السودان سوى عامين. وأكدت المصادر أن الوساطة العربية ستتحدث عن مدى تأثر المصالح الاقتصادية والاستثمارات العربية في جوبا، وتعليق أي ملف للمساعدات الاقتصادية في حالة عدم استقرار الأمور على الأرض، أو استمرار الطرفين في النزاع.
أما السودان، المتابع عن كثب لما يحصل، فقد اتخذت حكومته موقفاً محايداً لما يحدث، ولم تعلن تأييدها لأي من طرفي الصراع، في الوقت الذي لم يتوقف فيه الصراع على الحدود بين الخرطوم وجوبا، وعرقلة مساعي السلام المستمرة بين الدولتين، وعدم حسم ملف أبيي والنفط الجنوبي حتى الآن.
وأكدت مصادر حكومية سودانية لـ «الأخبار» أن الرئيس عمر البشير، أجرى اتصالاً مع نظيره في جنوب السودان سلفاكير ميارديت، أبدى خلاله اهتمام الخرطوم بتحقيق الاستقرار الداخلي في الدولة الجارة. وأوضحت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن ما يحدث الآن في جنوب السودان كان متوقعاً منذ بداية الانفصال، لأن شعب الجنوب تحكمه القبلية وثقافة الانقلابات، حيث إن دولة الجنوب قامت على أساس حركة تمردية، كما أن دوافع الانقلاب قبلية في الأساس الأول بعد اقصاء قبائل النوير من المناصب المهمة في الدولة، التي تسيطر عليها قبيلة الدينكا المنتمي إليها سلفاكير.
وأوضحت المصادر أن الاحداث الداخلية في جنوب السودان سيكون لها تداعيات على ملفات المصالحة واتمام عملية السلام على الحدود بين شمال وجنوب السودان، التي لا تزال تشهد عمليات مسلحة، لافتاً الى أن الضرر الأكبر هو تأجيل الحديث في هذه الملفات وعدم تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين.