امتنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال المؤتمر الصحافي السنوي له أمس، عن تسمية خلف له، مشيداً في الوقت نفسه بعدد من السياسيين الروس أصحاب النفوذ. ورأى بوتين أن هناك العديد من السياسيين النافذين في روسيا، من ضمنهم زعيم أكبر حزب في البلاد وهو «روسيا الموحدة»، رئيس الوزراء دميتري مدفيديف، الذي بعدما اكتسب تجربة واسعة في القضايا السياسية خلال قيادته للبلاد، انتقل إلى حل القضايا الاقتصادية بصفته رئيسا للحكومة. ولفت الرئيس الروسي الانتباه أيضاً إلى بروز عدد من السياسيين المعارضين في الآونة الاخيرة، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن يوجه المعارضون انتقادات شديدة اللهجة إلى زعيم البلاد، وهذه التصرفات معتادة في جميع دول العالم، لكنه حذرهم في الوقت نفسه، مشيراً إلى أن انتقاداتهم هذه يجب أن تأتي بالموازاة مع طرحهم بدائل حقيقية.
كذلك قال الرئيس الروسي إنه مرتاح على نحو عام لعمل الحكومة الروسية، التي تعمل في ظروف اقتصادية صعبة، مضيفاً أنه ما زال يؤمن بإمكانات الحكومة، أما التعديلات الواسعة النطاق في صفوفها، فقد تعود بتأثير سيئ جداً في الظروف الراهنة. ورفض بوتين الكلام عن أن جميع القرارات الرئيسية في البلاد تتخذ بمبادرته، مؤكداً أن الحكومة تتولى عملاً ضخماً، بما في ذلك اتخاذ القرارات. كذلك نفى الرئيس الروسي أن تكون القيادة الروسية تركز على انتقاد «القيم الغربية»، مشيراً إلى أن السلطات تعمل فقط على حماية الروس من التصرفات العدوانية لبعض الفئات الاجتماعية في الغرب، التي تحاول فرض آرائها على الناس الآخرين في دول أخرى. وتابع قائلاً: «وفي ما يخص القيم التقليدية، أعتقد أن علينا أن نولي لها اهتماما أكبر». ورأى أن القيم الساذجة التي كانت تعتمد عليها عملية «بناء الشيوعية» ماتت، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يحل محلها هو القيم التقليدية، مشيراً إلى أن المجتمعات التي تتخلى عن هذه القيم التقليدية تصاب بالانحطاط.
دبلوماسياً، كشف بوتين أن توقيع الاتفاق النووي بين إيران والسداسية جرى إلى حد كبير بفضل الموقف البراغماتي للولايات المتحدة، مضيفاً أن تحقيق هذا التقدم كان مستحيلاً دون ذلك. وأشار إلى أنه «يجب أن يتماشى حل القضية الإيرانية مع ضمان أمن كافة دول المنطقة، بما في ذلك إسرائيل»، ولا يرى الرئيس الروسي أن واشنطن تتخلى عن هذا الموقف. وأكد أنه يجب معالجة كافة العقبات على طريق تطبيع العلاقات بين إيران وإسرائيل. وشدد بوتين: «هذا عنصر مهم، وسيكون المضي قدماً دون هذا العنصر أمراً صعباً أو مستحيلاً تقريبا». ورأى أن فرض عقوبات جديدة على شركات إيرانية يأتي بنتائج عكسية، معرباً عن أمله في أن اتخاذ هذا القرار الأميركي لن يعرقل العمل على تسوية القضية الإيرانية. وشدد على أن إيران هي أحد الشركاء الأساسيين لروسيا، وأن موسكو تنوي تطوير العلاقات مع طهران في شتى المجالات، مؤكداً «هذا هو خيارنا المبدئي»، كما أشار إلى أنه يرى العمل على عقد اتفاقية شاملة مع إيران أمرا ايجابياً، لكن ذلك يتطلب التفكير في مضمون مثل هذه الاتفاقية.
وفي ما يتعلق بدور روسيا الدولي، أكد بوتين أن روسيا ساهمت «على نحو كبير في حل المشاكل الدولية الحادة»، ومن بينها سوريا والملف الإيراني، مشيراً إلى أن روسيا لم تكن وحدها ومن «دون العمل المشترك مع الأصدقاء الأميركيين والأوروبيين والصينيين لكان من المستحيل التوصل إلى نتائج».
كذلك أكد بوتين أنه ينوي توقيع مرسوم بالعفو عن رجل الأعمال الروسي ميخائيل خودوركوفسكي، بعدما توجه الأخير بطلب العفو. وأضاف: «قضى خودوركوفسكي أكثر من 10 سنوات في السجن. إنها فترة طويلة، هو يستند في طلبه إلى عوامل إنسانية، فوالدته مريضة، وأعتقد أنه سيجري توقيع مرسوم خاص بالعفو عنه قريباً».
عسكرياً، أعلن بوتين أن موسكو لم تتخذ بعد قراراً نهائيا بشأن نشر صواريخ «إسكندر» في مقاطعة كالينينغراد. وقال «أريد أن ألفت انتباهكم إلى أننا، أولاً، لم نتخذ مثل هذا القرار بعد، ثانياً، لا يجوز الدفاع عن أحد، لا يجوز فقط استفزاز أحد لخطوات جوابية»، مشيراً إلى أن صواريخ «إسكندر» ليست الوسيلة الوحيدة والأكثر فعالية للدفاع عن روسيا من الأخطار الناشئة، إلا أنه أضاف في الوقت ذاته أن «إسكندر» سلاح متقدم وفعال في مجال الصواريخ. ورأى بوتين أن هناك أسلحة تكتيكية نووية أميركية لا يتحكم الأوروبيون فيها، مشيراً إلى ظهور مجموعة جديدة من الأسلحة التكتيكية الأميركية، تتمثل في الدفاع المضاد للصواريخ. وأكد الرئيس الروسي من جديد أن الدرع الصاروخية الأميركية تمثل خطراً على الترسانة النووية الروسية، وأن موسكو يجب أن ترد على ذلك.
وفي السياق أفادت صحيفة «كوميرسانت» أن الرئيس الروسي وقع مرسوماً أعفى بموجبه القائد العام للقوات البرية الروسية الجنرال فلاديمير تشيركين، من منصبه بناءً على طلبه الذي قدمه في تشرين الأول الماضي، لكن حسب المعلومات المتوافرة للصحيفة، فإن السبب الأساسي لإعفاء الجنرال هو اتهامه من قبل ادارة التحقيقات العسكرية بتلقي رشى خلال الفترة بين عامي 2010 – 2012 عندما كان قائدا لقوات الدائرة العسكرية الوسطى.
(الأخبار)