يبدو أن واشنطن قد تفاجأ بالقيمة الاقتصادية لنتائج اتفاق جنيف ــ3 الذي وقّع بين إيران ومجموعة الدول الست الكبرى نهاية الشهر الماضي. فبالتزامن مع الحملة الدبلوماسية التي تديرها إسرائيل بهدف إقناع الأميركيين بعدم تخفيف العقوبات على إيران، قبل أن تتراجع إيران عن برنامجها النووي، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن مسؤولين في الادارة الأميركية أقرّوا في الأيام الأخيرة، خلال لقائهم مع نظرائهم الاسرائيليين، بأن القيمة الاقتصادية لتخفيف العقوبات عن طهران قد تصل الى مبالغ أعلى بكثير مما كانت تعتقد واشنطن في البداية. وأضافت «هآرتس» أن التقديرات الأميركية الرسمية لقيمة العقوبات التي سيجري تخفيفها عن الاقتصاد الإيراني تصل الى نحو 6 الى 7 مليارات دولار، فيما أشارت التقديرات الاسرائيلية الى أن قيمتها تصل الى 20 مليار دولار على الأقل. وأوضحت الصحيفة نفسها أن مسؤولين أميركيين أقرّوا بأن التخفيفات الاقتصادية ستكون ملموسة، فيما ذكرت مصادر أمنية إسرائيلية أن «الاقتصاد يعتمد على التوقعات، والآن فإن البورصة الايرانية قد ارتفعت بنسبة ملموسة، وتقف دول كثيرة في انتظار تجديد العلاقات الاقتصادية مع إيران استناداً إلأى ما اتفق عليه في جنيف».
وفي السياق نفسه، أشارت المصادر نفسها إلى رغبة الصين في تجديد عقود مع إيران بقيمة 90 مليار دولار لتطوير صناعات النفط الإيرانية، كما أن هناك شركات ألمانية معنية بعقد صفقات مع إيران. وأضافت أنه في كل الحالات فإن الحديث عن 20ــ 25 مليار دولار.
يُشار إلى أن الولايات المتحدة كانت تنوي بداية الاكتفاء بالإفراج عن أرصدة إيرانية مجمدة بقيمة 3 أو 4 مليارات دولار. لكن خلال المفاوضات في جنيف تراجعت الدول العظمى عن موقفها الأوّلي، وصدّقت على تخفيفات ملموسة في العقوبات الاقتصادية في عدة مجالات، من بينها التجارة بالذهب، والصناعات البتروكيماوية الإيرانية وصناعة المركبات وقطع الغيار للطيران المدني. وفي حينه ادّعت الولايات المتحدة أن القيمة الاقتصادية ستكون مضاعفة في أقصى الأحوال.
ولفتت «هآرتس» الى أنه حتى موعد تنفيذ الاتفاق المؤقت، 15 كانون الثاني المقبل، ستكون إيران في الواقع غير مقيّدة لجهة التقدم في برنامجها النووي. وأشارت إلى أن إسرائيل فوجئت بإقرار الرئيس الأميركي باراك أوباما، في منتدى سابان في واشنطن، نهاية الأسبوع الماضي، بأن الاتفاقيات ستحفظ لإيران حق تخصيب اليورانيوم، وهو ما اعتُبِر في إسرائيل بمثابة تنازل مجاني، في الوقت الذي تتواصل فيه المحادثات مع طهران.
وأضافت الصحيفة «يبدو أن القيادة الإسرائيلية تسعى إلى خفض اللهجة الهجومية تجاه واشنطن إلى حدّ معين، بعد أسبوعين من المناوشات العلنية. كذلك اعتبرت خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في «سابان» معتدلاً نسبياً لتجنب الصدام مع أوباما». الى ذلك، ذكرت «هآرتس» أنه إلى جانب تجديد التنسيق الاستخباري والدبلوماسي بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني، من المتوقع أن يستمر الصدام في ساحة أخرى بين نتنياهو وأوباما، في الكونغرس.
لكن على الرغم من عدم اعتراف إسرائيل الرسمي، أكدت الصحيفة أن إسرائيل تدير حملة دبلوماسية في واشنطن، حيث تتواصل شخصيات من قبل نتنياهو مع أعضاء الكونغرس، جمهوريين وديموقراطيين. وضمن هذا الإطار يعمل وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعالون، الموجود حالياً في الولايات المتحدة، على إقناع الاميركيين بعدم تسهيل العقوبات على إيران قبل تقييد طهران باتفاق يفرض عليها كبح مشروعها النووي بشكل حاد.