يوم حزين مرّ على جنوب أفريقيا أمس. هناك، في جوهانسبورغ، ودّع العالم الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا في حفل تأبين مهيب، جرى استغلاله، كعادة دبلوماسية المآتم، في تحقيق اختراق أميركي كوبي، عبر مصافحة تاريخية جرت بين الرئيسين باراك أوباما وراوول كاسترو.ومدّ أوباما يده للمصافحة قبل التوجه الى المنصة لإلقاء كلمته، في مؤشر جديد على استعداده للتواصل مع أعداء الولايات المتحدة، حسبما ذكر مسؤول أميركي لوكالة «فرانس برس». وابتسم كاسترو عند مصافحة أوباما له وهو في طريقه إلى المنصة لإلقاء الكلمة.
وألقى الرئيس الأميركي كلمته أمام حشد من الزعماء المشاركين، ومن بينهم نائب الرئيس الصيني لي يوان تشاو، والرئيس الكوبي راوول كاسترو ورئيس زيمبابوي روبرت موغابي.
ووصف أوباما مانديلا بأنه «عملاق العدالة»، منتقداً الكثير من زعماء العالم الذين يدّعون مناصرتهم لكفاح مانديلا من أجل الحرية «لكنهم لا يقبلون المعارضة من شعوبهم».
وفي هافانا، قال موقع «كوباديبيت.كوم» الرسمي الذي نشر صورة لكاسترو وأوباما يتصافحان: «أوباما يحيي راوول: لتكن هذه الصورة بداية نهاية اعتداءات الولايات المتحدة على كوبا».
وقطعت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية مع هافانا في 1961 بعد تولّي فيدل كاسترو السلطة في 1959 وتأميم المصالح الأميركية في الجزيرة. وفرض حظر أميركي في 1962 على كوبا في عهد إدارة الرئيس جون كينيدي.
وكان أوباما أعلن في 9 تشرين الثاني الماضي أمام معارضين لكاسترو في ميامي أن على الولايات المتحدة إعادة النظر في سياستها حيال كوبا، لكنه أكد على هدف مساعدة الجزيرة على «تحررها».
في الوقت نفسه، قوبل رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما بصيحات استهجان مع بداية مراسم تأبين مانديلا، بينما هتف الحاضرون في الملعب ترحيباً بالرئيس الأميركي عندما ظهر وجهه على الشاشات العملاقة. لكن حشود «سوكر سيتي» صفّقوا ترحيباً بالرئيس السابق ثابو مبيكي الذي دفعه زوما الى التنحّي عن الحكم في 2008، ونائب الرئيس غاليما موتلانتي الذي ترشح ضد زوما لقيادة المؤتمر الوطني الأفريقي.
من ناحيته، أشاد الأمين العام للامم المتحدة، بان كي مون، بمانديلا وبإلهامه وتعاليمه، في مراسم تأبين البطل المناهض للتمييز العنصري في جوهانسبرغ. وقال بان، متحدثاً أمام العشرات من زعماء العالم وعشرات الآلاف من المحتشدين، إن ذلك وقت التأمل وليس الحزن فقط على رحيل مانديلا. وأضاف بينما كانت تهطل الامطار «نجتمع معاً حزناً على خسارة عظيمة واحتفالاً بحياة عظيمة. يا له من عرض رائع لأمة قوس قزح. في الطبيعة يظهر قوس قزح من المطر والشمس. إنه هذا المزيج لرمز الحزن والامتنان الذي أشعر به اليوم».
في غضون ذلك، لوّحت مجموعة من المشيّعين الذين حضروا قداس التأبين الرسمي بإشارة «رابعة العدوية» الشهيرة لدى جماعة الإخوان المسلمين في مصر. وألقى عدد من الشخصيات البارزة خطابات لتكريم رمز التحرير، في حين لوحظ العديد من الحضور، بعضهم يرتدي تي شيرت (قميص) أصفر زاهياً يحمل شعار رابعة.
وفي «روبن ايلاند»، السجن الذي قضى فيه الزعيم الراحل معظم فترة اعتقاله (18 سنة من 27 سنة)، أحيا حراس ورفاق سابقون لمانديلا في الأسر ذكراه من سنوات الاعتقال.
وأشعلت شمعة واحدة أمام صور الرجل العظيم في قاعة «ممر نيلسون مانديلا» في المتحف والنقطة التي تنطلق منها حافلات النقل الى الجزيرة السجن في حي ووترفرونت السياحي في الكاب.
وفي القاهرة، اجتمع محبّو ﻣﺎﻧﺪﯾﻼ لإقامة حفل لتأبينه أمس. التأبين الذي نظّمته سفارة جنوب أفريقيا في العاصمة المصرية، وكنيسة يوحنا المعمداني في حي المعادي الهادئ جنوب القاهرة، لم يشهد حضوراً دبلوماسياً فحسب، لكنه كان شعبياً حضره محبّو مانديلا من الصغار الأفارقة.
(أ ف ب، رويترز، الأناضول)