امتنع البرلمان الأوكراني خلال تصويت أجراه أمس، عن سحب الثقة من حكومة نيقولاي أزاروف، رغم إصرار المعارضة على ذلك بسبب الأوضاع السياسية المتدهورة في البلاد. وصوت 186 نائباً من أصل 450 على قرار سحب الثقة، بينما يجب ألا يقل عدد الأصوات المطالبة بإسقاط الحكومة عن 226. وتعهد رئيس الوزراء استخلاص العبر مما حدث وإجراء تعديلات واسعة النطاق في حكومته. وفي كلمة أمام النواب قبل التصويت، اعتذر أزاروف عن استخدام القوة ضد المتظاهرين السبت الماضي من قبل القوات الخاصة، لكنه دافع عن موقف الحكومة من الأزمة ودعا النواب إلى العمل على الحيلولة دون تكرار «الثورة البرتقالية»، عندما أدت احتجاجات ومظاهرات حاشدة نظمتها المعارضة عام 2004 إلى إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها فيكتور يانوكوفيتش وإجراء جولة إعادة فاز فيها منافسه الموالي للغرب فيكتور يوشينكو.
وكان ازاروف قد وصف في وقت سابق ما يحصل في أوكرانيا بأنه «انقلاب».
وعلى الأثر، تقاطر آلاف المتظاهرين المؤيدين للتقارب بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي إلى جوار البرلمان الذي فرض حوله طوق أمني.
وقال أحد قادة المعارضة أرسيني ياتسينيوك المقرب من رئيسة الوزراء السابقة المسجونة يوليا تيموشنكو، إن «ما نطلبه هو أولاً التصويت على نص حول رحيل الحكومة ومن ثم التصويت على الإفراج عن تيموشنكو وثلاثة ناشطين أوقفوا بشكل غير شرعي».
وتجمع معظم هؤلاء المتظاهرين مع الآلاف الذين انضموا إليهم صباح أمس حول البرلمان حيث انتشر مئات من عناصر قوات حفظ النظام. وكانت مواجهات جرت الأحد مع الشرطة قد أوقعت أعداداً من الجرحى بينهم نحو خمسين صحافياً ومئة شرطي. ويذكر أن أوكرانيا شهدت الأحد تظاهرة غير مسبوقة منذ الثورة البرتقالية عام 2004 حيث قضى أكثر من ألف شخص الليل في ساحة الاستقلال للمطالبة بالتقارب مع الاتحاد الأوروبي وبرحيل السلطة.
من جهته رأى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس أن التظاهرات في أوكرانيا «ليست انقلاباً»، داعياً إلى الحوار «ورفض القمع» في هذا البلد.
كذلك أقر الرئيس الأوكراني في مقابلة مع محطات تلفزة أوكرانية بأن قوات الأمن «بالغت» في استخدام القوة بحق المتظاهرين.
ولمّح الرئيس الأوكراني الذي يزور موسكو قريباً لتوقيع «خريطة طريق للتعاون»، إلى أن الانضمام إلى أوروبا لا يزال مطروحاً، مطالباً رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو باستقبال وفد أوكراني لبحث «بعض جوانب اتفاق الشراكة».
ووجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أيضاً نداءً إلى الهدوء والحوار، داعياً كل الأطراف «إلى ضبط النفس وتجنب أي أعمال عنف جديدة واحترام مبادئ حرية التعبير والتجمع السلمي»، كما قال المتحدث باسمه مارتن نيسيركي.
ويذكر أن الرئيس الأوكراني يتوجه إلى الصين بزيارة دولة، رغم الاحتجاجات في كييف، بغض النظر عن تطورات الأزمة، وأكد يانوكوفيتش أمس عزمه على التوجه إلى الصين في اليوم نفسه بزيارة دولة. ومن المقرر أن يجري خلال الزيارة توقيع نحو 20 وثيقة بين البلدين، بما فيها اتفاقية الشراكة الاستراتيجية.
من جهة أخرى، وصل الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربيورن ياغلاند أمس، إلى أوكرانيا في محاولة لـ«خفض التوتر» و«النظر في إمكانية الحوار» بين المعارضة والحكومة، وفق ما أعلن المتحدث باسمه في ستراسبورغ.
(أ ف ب)