تدفع أوكرانيا اليوم ثمن التجاذبات السياسية التي تكاد تمزقها. آلاف المحتجين يحاولون الدفع بكييف باتجاه الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وحكومته الإبقاء على الدولة السوفياتية السابقة في الفلك الروسي تظاهرات عدّها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «مؤامرة مدبرة أكثر منها ثورة»، مضيفاً أن «هذا لا صلة له بالعلاقات بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي». وأكد بوتين أن «هذه الأعمال خطط لها في الخارج، ونرى كيف تشارك فيها مجموعات جيدة التنظيم». وأوضح أيضاً «أنها محاولة لزعزعة استقرار الحكومة الشرعية». ورأى أن التظاهرات مرتبطة بالخلافات السياسية الداخلية في أوكرانيا، وأنها «انطلاقة خاطئة» للانتخابات الرئاسية في 2015 في البلاد.
يوم أمس طوّق متظاهرو المعارضة الأوكرانية الذين أمضى عدة آلاف منهم الليل في وسط كييف بعد تظاهرة ضخمة، مقر الحكومة بهدف إرغام السلطة على الرحيل.
وقطع أكثر من ألفي متظاهر من المعارضة الطرق المؤدية إلى مقر الحكومة في وسط كييف عملاً بتعليمات صدرت أول من أمس بهدف إرغام الحكومة على الاستقالة.
ودعا قادة المعارضة الأحد إلى احتلال الحي الحكومي في وسط كييف حتى استقالة الحكومة والرئيس فيكتور يانوكوفيتش، وإثر هذه الدعوات، دخل المتظاهرون مقر بلدية كييف ومقر النقابات، المبنى الرسمي الآخر الواقع في وسط المدينة.
وقتها، كان الرئيس يانوكوفيتش يعقد اجتماعاً طارئاً في منزله في ضواحي كييف، مع وزير الداخلية الأوكراني فيتالي زكارتشنكو. ونفى المتحدث باسم رئيس الوزراء فيتالي لوكيانينكو أمس، الشائعات التي تحدثت عن احتمال فرض حالة الطوارئ، مؤكداً أنه «لم يجرِ التطرق الى هذه المسألة».
وأعلنت المعارضة التعبئة بعدما بدلت السلطة الأوكرانية الأسبوع الماضي موقفها، فعلقت توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي للتقرب أكثر من روسيا.
وكانت رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشنكو، التي تقضي عقوبة سجن حالياً ويطالب الاتحاد الاوروبي دون جدوى بالإفراج عنها، قد دعت إلى «إطاحة» السلطة الحالية عبر النزول إلى الشوارع.
وعبر المسؤولون الأوروبيون من جانبهم عن استيائهم الأسبوع الماضي من روسيا التي وضعت كل ثقلها لمنع هذه الجمهورية السوفياتية السابقة من التقارب مع أوروبا. ويعتزم يانوكوفيتش، الذي أبقى على برنامج زيارته للصين المرتقبة من 3 الى 6 كانون الأول، زيارة موسكو بعد ذلك لتوقيع «خريطة طريق للتعاون» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الحكومة الأوكرانية إلى الابتعاد عن العنف في التعامل مع المتظاهرين السلميين، حسب التصريحات الصادرة عن المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفين سيبيرت.
ونقل سيبيرت عن ميركل دعوتها الرئيس الأوكراني فيكتور يانكوفيتش إلى حماية التظاهرات الأوكرانية، التي تخرج ضمن إطار حرية التعبير عن الرأي، ومعبراً عن أملها أن تجد الرسائل التي خرجت التظاهرات من أجلها صدى عند الرئيس الأوكراني، ودعا سيبيرت الحكومة والمتظاهرين في أوكرانيا إلى أن يتحلوا بالتفهم والمسؤولية لعدم تفاقم الأوضاع.
في غضون ذلك، رأى رئيس لجنة مجلس الدوما الروسي للشؤون الدولية أليكسي بوشكوف، أن «الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي مشروع سياسي يهدف إلى مساعدة القوى المعارضة الموالية للغرب في تولي الحكم بأوكرانيا، وإضعاف النفوذ الروسي في أوكرانيا وفي الدول الأعضاء في «الشراكة الشرقية» مع الاتحاد الأوروبي»، مشيراً إلى أن «الجانب السياسي الجديد لهذه الشراكة بات واضحاً جداً بعد الاضطرابات التي تنظم الآن في أوكرانيا، ولا يمكن أن نتخيل أن ذلك لا يحظى بدعم من الاتحاد الأوروبي».
وأشار بوشكوف إلى أن «عدداً من ممثلي الاتحاد الأوروبي زاروا كييف أخيراً، وأدلوا بتصريحات استفزازية دعوا فيها إلى النضال من أجل الديموقراطية، على الرغم من أن هناك حكماً ديموقراطياً في أوكرانيا، ولم يقل أحد حتى الآن إن رئيس أوكرانيا يانوكوفيتش رئيس غير شرعي»، مؤكداً أن «القوى المعارضة في أوكرانيا لا تسعى إلى توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بغية تطوير الاقتصاد الوطني، بل من أجل زيادة تأثير الغرب في الحياة السياسية الداخلية في البلاد وتعزيز مواقفها في الصراع على السلطة».
(أ ف ب)