رغم إدراكهم المسبق بأن ردود أفعالهم ستُظهِّر الانتصار الإيراني أكثر فأكثر، إلا ان الشعور بالمرارة والقلق من أبعاد ومفاعيل الاتفاق مع إيران، لم يسمح للمسؤولين الاسرائيليين إلا بالتعبير عن حقيقة تقديراتهم وانطباعاتهم، بدءًا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي وصف الاتفاق بأنه «خطأ تاريخي»، مروراً بوزير الخارجية، الذي رأى في الاتفاق «أكبر نصر دبلوماسي لإيران»، وصولاً الى وزير الدفاع موشيه يعلون، الذي رأى ان الاتفاق يمثل خضوعاً دولياً لإيران. أضف الى تعليقات الكثير من المسؤولين الاسرائيليين التي أجمعت، في معظمها، على خطورة الاتفاق ومفاعيله على الكيان العبري.
فقد رفض نتنياهو، في مستهل جلسة الحكومة، أمس، وصف الاتفاق النووي مع ايران، بـ «الاتفاق التاريخي»، بل بـ «الخطأ التاريخي»، مُفسِّراً ذلك بأن «العالم تحول الى مكان الى أخطر بكثير، بسبب أن أخطر نظام في العالم خطا خطوة مهمة للحصول على أخطر سلاح في العالم».
وفي مقابل الواقع الاقليمي والدولي المستجد، بحسب الرؤية الاسرائيلية الرسمية، وجّه نتنياهو رسالة مضادة، يستبعد أن يكون لها صدىً فعلي في الأوساط الدولية والاقليمية، بالقول إن «إسرائيل غير ملزمة به (الاتفاق) وستدافع عن نفسها»، مبرّراً ذلك بأن الجمهورية الاسلامية «ملتزمة بإزالة اسرائيل، وبالتالي لاسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها بقدراتها الذاتية في مقابل أي تهديد».
وكرر نتنياهو تعهده بالقول «أنا اريد ان اوضح كرئيس حكومة اسرائيل: اسرائيل لن تسمح لايران بتطوير قدرة نووية عسكرية». هذا مع الاشارة الى أن هذا التهديد أصبح غير ذي صلة، وخاصة أن اتفاق جنيف النووي، تضمّن تعليق تخصيب اليورانيوم بدرجة 20 في المئة، وهي نسبة بعيدة عن درجة التخصيب العسكرية.
وفي عرض للوقائع ينطوي على إقرار بفشل الرهانات وضياع الجهود، أضاف نتنياهو «للمرة الأولى الدول العظمى الرائدة في العالم توافق على تخصيب اليورانيوم في ايران، مع تجاهل تام لقرارات مجلس الأمن التي قادتها بنفسها »، مشيراً الى أن العقوبات التي احتاجت إلى سنوات من أجل فرضها وتنطوي في داخلها على فرصة افضل للحل بطريقة سلمية، هذه العقوبات أُزيلت في مقابل تنازلات ايرانية تجميلية من الممكن التراجع عنها خلال أسابيع.
من جهته، حذَّر وزير الخارجية الاسرائيلية أفيغدور ليبرمان، مما قد يترتب على الاتفاق النووي مع إيران، من مفاعيل وأبعاد تتصل بالتوازنات الإقليمية والدولية، مشيراً الى ضرورة «ان نفهم أن هذا النصر الدبلوماسي هو الأكبر الذي عرفته ايران في السنوات الأخيرة».
وأكد أن هذا الاتفاق «يعترف بحق ايران بتخصيب اليورانيوم». ورأى ليبرمان ان هذا الاتفاق «يفرض على اسرائيل إجراء تقدير جديد ازاء تغير الواقع».
ورفض مقولة ان الولايات المتحدة خانت اسرائيل، مشيراً إلى أن واشنطن تواجه تحديات كثيرة، ومشدداً على أنها تبقى الصديق الأكبر لاسرائيل في العالم.
كذلك شرح ليبرمان أبعاد ومفاعيل هذا الاتفاق في حديث مع اذاعة الجيش، بالقول إن «هذا الاتفاق يؤسس عملياً لواقع جديد، لنا وللسعوديين ايضاً».
ولفت الى ان «كل من تابع رد فعلهم يعرف ان القلق لا يقتصر فقط علينا، بل إنه من نصيب كافة دول المنطقة». واضاف ليبرمان «عندما ترى الابتسامات الايرانية يكون واضحاً لك اننا امام نصر ايراني، فصاحب القرار عندهم هو (المرشد الأعلى علي) خامنئي، ولا احد غيره».
أيضاً، رفض وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعلون، مقولة ان الاتفاق النووي مع ايران انجاز للغرب، مصرّاً على أن ما جرى يمثل «خضوعاً لهجمة الابتسامات الايرانية، والخداع الايراني الذي يرمي الى ربح الوقت من دون ان يجري المس بالبرنامج النووي العسكري على نحو فعلي».
واتفق يعلون مع نتنياهو على اعتبار الاتفاق «خطأ تاريخياً»، لافتاً الى ان البرنامج النووي الإيراني يهدّد ليس فقط اسرائيل أو الشرق الأوسط، بل السلام العالمي كله أيضاً». وحذّر من أن الاتفاق يدخل ايران «الى المجتمع الدولي على الرغم من أنها مصنع الارهاب الأكثر نشاطاً والازدهاراً في العالم».
ورداً على المواقف الغربية التي عدّت الاتفاق يجعل المنطقة أكثر أمناً وسلاماً، رأى يعلون ان معنى الاتفاق يكمن في أن «العالم بات اليوم مكاناً أقل أمنا، وبدلا من ان يُعاد البرنامج الى الوراء، ربح النظام في طهران الوقت، الذي سيسمح له باستمرار السعي نحو القنبلة النووية، ومن جهة أخرى، سيتنفس الصعداء بفضل تسهيل العقوبات».
وحذّر يعلون من أن تعزيز قوة إيران سينعكس على حزب الله وبعض الجماعات الإسلامية المتشددة، لكونها تستطيع مستقبلاً العمل تحت مظلة نووية إيرانية، مؤكداً ضرورة وقف البرنامج النووي الإيراني بأي ثمن.
هذا وكان موقع صحيفة «معاريف» قد نقل عن يعلون تحذيره من مغبة استغلال ايران مواصلة تخصيب اليورانيوم من أجل «انتاج قنابل قذرة».
في المقابل، اختار الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز مقاربة تنطلق من قاعدة «لم يكن بالامكان أكثر مما كان»، مشيراً إلى انه من الأفضل تبني الحل الدبلوماسي، لأنه إذا لم ينجح فستكون البدائل «أكثر سوءًا وقساوة» على اسرائيل والمنطقة.
ودعا الى انتظار النتائج النهائية من أجل إصدار الحكم على الاتفاق، لافتاً الى ان هذا الاتفاق مؤقت لا دائم، وفي ضوء نتائجه نستطيع النقاش فقط.