لم تكن زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، إلى طهران أمس خالية الوفاض كما حصل في مفاوضات جنيف بين إيران والقوى الكبرى، بل تمخضت المحادثات عن «خريطة طريق للتعاون» بينهما بشأن البرنامج النووي. وجاء إعلان هذا الانفراج خلال زيارة يوكيا للعاصمة الإيرانية. في هذه الأثناء، حذر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي من مؤامرات القوى الاستكبارية والاستعمارية لإثارة النعرات الطائفية بين الأمة الإسلامية. وقال لدى استقباله مسؤولي بعثة الحج أمس، «إن إحدى المشاكل الكبيرة التي يعانيها العالم الإسلامي حالياً، هي المشكلة المفروضة والمتعمدة والخبيثة في تأجيج الخلافات بين الأمة الإسلامية والطوائف المذهبية».

وأعلن رئيس المنظمة الإيرانية النووية، علي أكبر صالحي، في مؤتمر صحافي مشترك مع يوكيا في طهران، أن «البيان المشترك الذي وُقِّع اليوم (أمس) ينص على خريطة طريق للتعاون تحدد الخطوات المتبادلة لحل القضايا العالقة»، مستبعداً دخول المفتشين إلى موقع بارتشين العسكري في المدى المنظور.
لكنه أوضح أنه كبادرة حسن نية، إيران وافقت «طوعاً» على زيارة مفتشي وكالة الطاقة «مصنع إنتاج الماء الثقيل في أراك ومنجم (اليورانيوم) في غاشين» قرب بندر عباس (جنوب)، مشيراً إلى أن خريطة الطريق تشمل ست مراحل، تستغرق أولها ثلاثة أشهر و«ترمي إلى زيادة الثقة بين الطرفين».
وأضاف صالحي: «في المرحلتين التاليتين سيناقش خبراؤنا وخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية المسائل الأخرى (ولا سيما تلك التي) ليست لها طبيعة نووية مباشرة».
من ناحيته، أشاد يوكيا بالاتفاق ووصفه بأنه «خطوة مهمة»، إلا أنه أضاف أنه «لا يزال يتعين القيام بالكثير من العمل». وشدد على أن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستحل جميع المشاكل العالقة الحالية والماضية من خلال التعاون». وأضاف: «سنرفع تقريراً إلى مجلس حكام الوكالة بشأن عمليات التفتيش والاتفاق».
ويُعدّ مفاعل أراك مصدر قلق رئيسي للدول الغربية التي تخشى استخدام إيران البلوتونيوم الذي ينتجه لإنتاج قنبلة نووية.
إلا أن الوكالة ترغب بنحو خاص في زيارة قاعدة بارتشين العسكرية شمالي شرقي طهران، حيث تشير أدلة استخبارية إلى أن إيران ربما أجرت أبحاثاً تتعلق بأسلحة نووية.
في المقابل، أكد مساعد القيادة العامة للقوات المسلحة الإيرانية العميد مسعود جزائري، أن جميع الأهداف الأميركية في المنطقة وخارجها تقع تحت مرمى القوات الإيرانية. وقال: «إن الجمهورية الإسلامية بواسطة التعبئة لديها القدرة بحيث لا يمكن القوى العظمى السابقة والحالية الرد عسكرياً عليها».
من ناحية ثانية، رحب عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريان جون ماكين، وليندسي غراهام، بموقف فرنسا التي حالت أول من أمس دون توقيع اتفاق على البرنامج النووي الإيراني بين طهران والقوى الكبرى في جنيف.
وكتب ماكين على حسابه على «تويتر»: «تحيا فرنسا» بالفرنسية.
وقال إن «فرنسا تحلت بالشجاعة لمنع توقيع اتفاق سيئ بشأن الملف النووي الإيراني».
من جهته قال غراهام على شبكة «سي إن إن» الأميركية: «نشكر الله على وجود فرنسا وعلى رفض اتفاق».
وأضاف أن «هذه عبارات لم نسمعها منذ أمد بعيد. لكن دعوني أقول لكم إنهم (الفرنسيين) بصدد تولي الأمر بشكل جيد جداً في الشرق الأوسط».
وأوضح غراهام أنه يجري إعداد نص حول إيران لطرحه الأسبوع المقبل على الكونغرس الذي يملك سلطة اتخاذ قرار بفرض عقوبات على البلد الإسلامي، مشيراً إلى النص سيتضمن أربعة مطالب هي «وقف تخصيب اليورانيوم وتفكيك أجهزة طرد مركزي ووقف أعمال البناء في مفاعل البلوتونيوم والسماح بفرض رقابة من قبل المجموعة الدولية على كامل دورة الوقود الإيرانية».
في غضون ذلك، أعلنت بريطانيا وإيران تعيين كل منهما قائماً بالأعمال غير مقيم لدى الآخر. وقالت لندن أمس إنها أعادت العلاقات الديبلوماسية مع إيران وعينت قائماً بالأعمال غير مقيم بعد عامين من هجوم شنه حشد من الإيرانيين الغاضبين على سفارتها في طهران عام 2011.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية، إن أجاي شارما وهو حالياً رئيس قسم إيران في الوزارة ،سيتولى المنصب على الفور، معبرة عن أملها أن يزور طهران هذا الشهر.
بدورها قالت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء، إن طهران عينت محمد حسن حبيب الله قائماً بالأعمال لدى بريطانيا.



الصحف الإيرانية تهاجم فابيوس

حملت الصحف الصادرة أمس بشدة على فرنسا، متهمة وزير خارجيتها لوران فابيوس، بنسف المفاوضات النووية في جنيف بسبب تصلبه خلال المحادثات.
وكتبت صحيفة «طهران تايمز» أن «فرنسا شوّهت صورتها في جنيف»، وذلك بعد تأكيد ديبلوماسيين أن محادثات جنيف بين طهران والقوى الكبرى شهدت مراوحة على خلفية اشتراطات وضعتها باريس على صياغة اتفاق. وعنونت صحيفة «هفته صبح»: «لن ننسى يا فابيوس»، مؤكدة أن الإيرانيين «هاجموا صفحة الفيسبوك» الخاصة بالوزير الفرنسي. وأشارت «إيران ديلي» إلى أن رجال أعمال ايرانيين قرروا «إعادة النظر في علاقاتهم» مع نظرائهم الفرنسيين والبحث عن «شركاء أكثر أهلاً للثقة». أما صحيفة «دنياي اقتصاد» الواسعة الانتشار والمقربة من الحكومة، فرأت أن «فرنسا هي الخاسر الأكبر في مفاوضات جنيف». من ناحيته أكد الخبير الاقتصادي مسعود نيلي المقرب أيضاً من الفريق الاقتصادي للحكومة، إنه «إذا تعذر الوصول إلى اتفاق بسبب العوائق التي تضعها فرنسا، فلن تسامح الأجيال المستقبلية الشعب الفرنسي ونخبه على بقائهم صامتين حيال المواقف المكلفة لقادتهم». وفي صحيفة «اعتماد» الإصلاحية، انتقد محلل «الموقف غير الديبلوماسي لفرنسا»، مؤكداً أنه «في حال عدم التوصل إلى اتفاق، فرنسا ستكون حتماً خاسرة». مع ذلك، تجنب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تسمية فرنسا بشكل علني. وكتب على «فيسبوك» أنه «كان من الممكن التوصل إلى اتفاق مع غالبية أعضاء مجموعة 5+1، لكن... إحدى البعثات كان لديها بعض المشاكل». (أ ف ب)