يبدو أن المفاوضات النووية بين ايران ومجموعة «5+1» في جنيف قد قطعت خطوات مهمة تطلبت تمديدها حتى اليوم وسط أجواء تفاؤلية رغم تعقيدات، عبّر عنها وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، بقوله إن المسائل الكبرى لم تجر تسويتها بعد. وأوضح فابيوس، الذي انضم فجأة مع نظرائه البريطاني والألماني والأميركي الى مفاوضات جنيف أمس، أنه «حالياً لم تجرِ تسوية المسائل الكبرى، لكننا نعمل في جنيف، اذا امكن، للتوصل الى ذلك».
وافاد مقربون من الوزير أن نقاط النقاش هي ثلاث: مصير المخزون النووي المخصب بنسبة 20في المئة، وبناء مفاعل المياه الثقيلة في آراك (العنصر الثاني الى جانب تخصيب اليورانيوم الكفيل بالتوصل الى قنبلة نووية) و«مسألة احتمالات التخصيب على أمد اطول». في النقطة الأخيرة التي قد تقر بامكان تخصيب ايران لليورانيوم «هناك الكثير من التفاصيل الدقيقة السياسية والتقنية» التي ينبغي الحصول عليها، بحسب المصدر نفسه.
وأفادت مصادر دبلوماسية أن عدداً من المناقشات والمباحثات الثنائية والمتعددة الأطراف أجريت للتوصل الى اجماع بين الشركاء الستة (الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا والمانيا) على المواقف حيال ايران.
وأكد مصدر مُقرّب من فابيوس أن «الجميع على الخط نفسه»، موضحاً أن «الولايات المتحدة لا تملك رؤية أخرى».
وعرضت القوى العالمية على إيران الحصول على أموالها المجمدة في الخارج منذ عدة أعوام، التي تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار، لكنها استبعدت أي تخفيف كبير للعقوبات في المراحل الأولى للاتفاق.
في المقابل، قال عضو الوفد الإيراني المشارك في المحادثات، مجيد تختراونجي، إن طهران أبلغت الغرب أنها تريد بحث تخفيف العقوبات المصرفية والنفطية في المرحلة الأولى من أي اتفاق نووي يجري التوصل اليه.
لعل بعض التطورات التي شهدتها قاعات اجتماعات جنيف في مقر البعثة الدائمة للاتحاد الأوروبي لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف أمس، قد أشارت بوضوح الى امكانية تحقيق تقدم في معالجة الملف النووي الإيراني، ولا سيما أن وزراء خارجية كل من فرنسا وبريطانيا وأميركا وألمانيا قد انضموا الى المحادثات التي سينضم اليها بدوره وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف اليوم.
وبدأ كيري اجتماعاً ثلاثياً مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين اشتون، ووزير خارجية إيران محمد جواد ظريف. وأرجأ كيري زيارته للجزائر والمغرب للسفر إلى جنيف.
وكانت وكالة «إرنا» الإيرانية للأنباء قد أعلنت أن مفاوضات جنيف دخلت في مرحلة حساسة، ونظراً الی أن الأمر یحتاج الی اتخاذ قرارات علی مستوی أعلی، طلبت أشتون من كيري، السفر الی جنیف، حيث عقد لقاء بينهما.
وقال كيري بعد فترة وجيزة من وصوله إلى جنيف، مهونا من التوقعات بحدوث انفراجة، «أود التأكيد على أنه ما من اتفاق في الوقت الحالي». واضاف «لا تزال هناك بعض المسائل المهمة جدا على الطاولة لم تحل» وهذه المسائل «يجب ان تعالج على النحو الصحيح وبالتفصيل». وتابع «نأمل السعي إلى تضييق الخلافات، لكني أعتقد أن أحداً لا يشك في أن هناك بعض الفجوات المهمة التي يتعين سدها».
وذكر مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية أن كيري ملتزم «ببذل كل ما بوسعه» لتضييق هوة الخلافات مع ايران حول برنامجها النووي، مشيراً الى أن «هذه عملية معقدة». وأضاف المسؤول الأميركي «إنه (كيري) ملتزم بصفته عضواً في مجموعة 5+1 ببذل كل ما بوسعه لتضييق شقة هذه الخلافات».
بدوره، أشار وزیر خارجیة المانیا، غيدو فيسترفيله، الی ان المفاوضات النوویة وصلت الی مرحلة في غایة الأهمیة. وقال «نحن نتحرك صوب تحقیق اتفاق نووي ولهذا السبب أنا في جنیف».
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن الدول الست الكبرى وايران يمكن أن تتفق على «خارطة طريق» لإنهاء الخلاف حول برنامج طهران النووي خلال محادثات جنيف أمس.
وقالت وزارة الخارجية الروسية أيضاً، إن هناك تغيرات إيجابية في المواقف التفاوضية، وإن الجانبين يرميان للتوصل إلى «نتيجة ملموسة» في جنيف.
وقال لافروف في موسكو: «لا أريد أن أخوض في أي تكهنات لكن هناك فرصة للاتفاق على منهج مشترك موحّد بما في ذلك خارطة طريق تنهي هذه المشكلة». وأضاف أن روسيا تريد حلاً يعترف بحق إيران في أن يكون لها برنامج نووي سلمي وفي تخصيب اليورانيوم تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتابع: «إذا أمكن الاتفاق على هذا المبدأ فأعتقد أننا سنتمكن من البدء في التحرك العملي باتجاه إزالة مخاوف المجتمع الدولي حيال البرنامج النووي الإيراني».
ومن جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، إن هناك «تغيرات إيجابية جداً» في المحادثات، بينما تحدث مستشار السياسة الخارجية في الكرملين يوري أوشاكوف عن «الديناميكية الإيجابية».
وأفادت وكالة أنباء «فارس» بأن المحادثات المكثفة بين ظريف وأشتون، أدت الى مفاوضات مكثفة وجادة بين الفريق الايراني المفاوض ومندوبي «5 +1».
وأعلن كيري، بعد لقائه أشتون، أن من الممكن التوصل إلى صيغة حل مشتركة خلال المحادثات الجارية، مشيراً بعد الجلسة الأولى من المفاوضات إلى أنه لمس لدى الجانب المقابل سعياً من أجل التوصل إلى نتيجة معينة. وقال إن «العمل يجري لإيجاد آلية حلول مشتركة، إما أن تؤدي إلى حل نهائي أو أن تمثل تقدماً ملحوظاً في المحادثات». ولفت ظريف إلى صعوبة هذه المحادثات، مؤكداً أنها «بحاجة إلى المزيد من الوقت والحوار». وتابع إن «الدول الغربية بحاجة إلى كسب ثقة الجانب الإيراني في هذه المحادثات؛ وبطبيعة الحال فإن هذه المحادثات صعبة وتحتاج إلى حوار طويل؛ وهناك إمكانية للتوصل إلى صيغة حل مشتركة».
وفي موازاة ذلك، حسمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مسألة زيارة مديرها العام يوكيا أمانو بعد غد الإثنين الى طهران، حيث سيجري محادثات مع مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى تستهدف «تعزيز الحوار والتعاون» بين الجانبين، حسب بيان وكالة الطاقة.
وفي طهران، عبر رجال دين عن دعمهم لفريق التفاوض الإيراني. ونقلت وكالة «فارس» للأنباء عن خطيب الجمعة في مسجد ميشجين، غلام رضا باوقار، قوله إن «المفاوضين النوويين هم أبناء هذه الأمة وإن الزعيم الأعلى (علي خامنئي) يدعمهم».
(إرنا، مهر، فارس، أ ف ب، رويترز)