نواكشوط | لم يجد أبناء الساحل الأفريقي، الذين يعانون من نهب مُنظّم لثرواتهم المعدنية، أي دعم من مؤسسات «بريتون وودز»، الاتفاقية التي ساهمت في إنشاء صندوق النقد والبنك الدوليين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1944. فقد أثار خطاب نائب رئيس البنك الدولي المكلف بأفريقيا وبعضوية مدير العمليات في البنك الدولي، فيرا سانغوي، خلال منتدى التنمية الرعوية في الساحل الذي احتضنته العاصمة الموريتانية نواكشوط هذا الأسبوع، جدلاً واجهه البعض بالاستهتار خلال وعوده بدعم هذه البلدان. وشكّل قول سانغوي إن البنك سيسعى الى القضاء على الفقر في هذه الدول عام 2030 موجة انتقادات، مذكّرة بوعود سابقة لم تُطبّق للقضاء على هذه الظاهرة.
تأتي هذه القمة التي بدأت أعمالها الثلاثاء، وسط اهتمام جديد بالتنمية الزراعية وسبل تدعيمه في بلدان الساحل الأفريقي التي تضم موريتانيا والنيجر ومالي وبوركينا فاسو. وكان عنوانها «بناء القدرة على التكيف في منطقة الساحل: الفرص الواعدة للتنمية الرعوية». فالبنك الدولي الذي دمّر ما تبقى من اقتصادات هذه الدول من خلال برامج يرى مراقبون أنها زادت الطين بلة، وأخّرت هذه البلدان أكثر مما هي متأخرة في الواقع، أعرب نائب رئيسه عن أمله في الوصول إلى نتائج تسهم في محاربة الفقر في الساحل، مشيراً إلى الظروف المؤاتية لإنجاح هذه المهمة.
وفي تكرار لـ«وعود عرقوبية» سابقة لم تحظ بثقة أبناء المنطقة، تعهد سانغوي بتعاون البنك الدولي في هذا المجال بما يمكن القضاء على الفقر في الساحل بحلول 2030 والقيام بمبادرات لتطوير وتعزيز الثروة اللازمة وإنشاء مركز متخصص ومجهز وتعزيز التنافس في الثروة الحيوانية.
طبعاً، أبناء الساحل الأفريقي لم يولوا خطاب مسؤول البنك اهتماماً يُذكر، وعلق عليه أحد المشاركين متعجباً: «البنك الدولي يحشر نفسه في كل شيء».
ولعل اهتمامات دول الساحل الأفريقي من خلال قمة نواكشوط، التي يسعى من خلالها أبناء الساحل من عرب وأفارقة الى البحث في أزماتهم الغذائية، يأتي وسط أزمة غذائية غير مسبوقة لهذه الدول الفقيرة دفعتها إلى توحيد جهودها.
«فالتنمية الرعوية لا تحظى بالدعم الذي تستحقه، رغم وجود آفاق تنموية واقتصادية كبيرة، إلا أنه لا يتم استغلالها بشكل صحيح»، حسب رأي الرئيس التشادي إدريس ديبي.
وفي رأي الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، أن «التنمية الرعوية ظلت تعيش على الهامش في بلدان الساحل والصحراء رغم المزايا الاقتصادية الكبيرة التي تحظى بها».
في المقابل، لا يأمل أبناء الساحل الأفريقي من مؤتمر كهذا سوى نتائج ملموسة، تساهم في محاربة الفقر لصالح ثمانين مليون نسمة يعيشون في الساحل.
وتشير الإحصاءات الى أن أبناء هذه الدول يمتلكون كل ما يكفي للنهوض باقتصاداتهم التي لا تزال بدائية، وخصوصا أنها تمتلك معادن نفيسة قد تغنيهم عن البنك الدولي وغيره.
وازدادت في الآونة الأخيرة الأصوات المناهضة للغرب في هذه البلدان للتوجه شرقاً باتجاه بكين وإلغاء التعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين، بعدما جربتهما هذه البلدان عشرات السنين من دون جدوى.