بينما كان رئيس الوزراء الصيني، لي كه تشيانغ، يدعو أمس الى «السلام والصداقة» في بحر الصين الجنوبي، كانت الصحف تنشر أخباراً عن اعتقالات تقوم بها شرطة بلاده طالت نحو 400 من مستخدمي الإنترنت في إقليم شينجيانغ ذي الغالبية المسلمة، في إطار حملة لمكافحة «التطرف الديني». وقبل يومين، أطلقت النار على متظاهرين في إقليم التيبت، ما أسفر عن سقوط ستين جريحاً. وقالت منظمة التيبت حرة (فري تيبت) إن محتجين تجمعوا الأحد في إقليم بيرو للمطالبة بإطلاق سراح رجل اعتُقِل لأنه رفض رفع علم الصين.
وأضافت المنظمة التي تتمركز في بريطانيا، إن «قوات الأمن بدأت بضرب التيبتيين، ما أسفر عن سقوط نحو 60 جريحاً، ثم استخدمت الغاز المسيل للدموع وأطلقت النار عشوائياً على الحشد».
وأوضحت المنظمة أن اثنين من المتظاهرين على الأقل في حالة حرجة، بينما يعاني ثالث من كسر في عظم الفخذ وآخر من جرح في فكه. في المقابل، نفى شرطي في مكتب الأمن العام في بيرو، وقوع أي حادث. وقال لوكالة «فرانس برس»: «لم تكن هناك تظاهرة ولا جرحى».
من ناحيتها، أفادت «الحملة الدولية من أجل التيبت»، بأن سلطات إقليم بيرو طالبت قبل عشرة أيام التيبتيين برفع علم الصين على أبواب منازلهم وأديرتهم بمناسبة العيد الوطني.
وتؤكد بكين أنها «حرّرت سلمياً» التيبت وحسّنت أوضاع سكانه عبر تمويل التنمية الاقتصادية لهذه المنطقة الفقيرة والمعزولة. لكن عدداً كبيراً من التيبتيين لم يعودوا قادرين على تحمل الهيمنة المتزايدة لإتنية الهان، التي تشكل غالبية في الصين، وقمع ديانتهم وثقافتهم. وهم يقولون إن التنمية يستفيد منها «الهان» خصوصاً. وأحرق حوالى 120 تيبتياً أنفسهم أو حاولوا القيام بذلك منذ 2009 للاحتجاج على وصاية الصين.
وحول ما يجري في إقليم شينجيانغ الذي يشهد اضطرابات متقطعة منذ سنوات، ذكرت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية أن «قوى أجنبية» لم تحددها «تتسلل (الى المنطقة) وتحرّض السكان على تبني أفكار دينية متطرفة عن طريق الإنترنت»، ما يشكّل «تهديداً خطيراً للوحدة الإتنية وللاستقرار». وتشهد «منطقة شينجيانغ للأويغور ذات الحكم الذاتي» الواقعة على التخوم الشمالية الغربية للصين، تعايشاً صعباً بين أقلية الأويغور الناطقة بالتركية والمسلمة وملايين من الصينيين الذين ينتمون الى إتنية الهان ووصلوا في العقود الأخيرة. وقد عمد مزارع من «كانتون هوتان» المدينة التاريخية الواقعة في جنوب مدينة كشقار التاريخية، الى نشر كتب يتجاوز حجمها الـ 2 غيغابايت تدعو الى انفصال شينجيانغ. واتهم بالتحريض على الانفصال.
من جهتها، ذكرت صحيفة «تشاينا ديلي» نقلاً عن صحيفة «شينجيانغ» اليومية، أن طالباً في السابعة عشرة من العمر في كشقار قام بتحميل كمية كبيرة من تسجيلات الفيديو والوثائق الصوتية لدعاية إسلامية تتسم بطابع «متطرف» من أجل «تنمية الفكر الديني لرفاقه».
وبعد وضعها على الإنترنت، اطّلع عليها مستخدمون أكثر من 5100 مرة وأعيد تحميلها 1201 مرة. وحُكِم على الطالب بالسجن عشرة أيام، لكن العقوبة لم تُنفّذ لأنه قاصر. وقالت الصحيفتان إن حملة الاعتقالات حصلت من 26 حزيران الى 31 آب. وأوضحتا أن 256 شخصاً «عُوقبوا» لأنهم «نشروا شائعات». كما عوقب 139 شخصاً آخرين لأنهم بثوا أفكاراً دينية «متطرفة» تدعو الى الجهاد.
الى ذلك، قال رئيس الوزراء الصيني على هامش القمة السنوية لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في بروناي «يجب أن ننسق عملنا حتى نجعل من بحر الصين الجنوبي بحر سلام وصداقة وتعاون».
وتطالب الصين تقريباً بكامل بحر الصين الجنوبي الذي يشكل تقاطع طرق بحرية حيوية للتجارة العالمية والاحتياط المحتمل للنفط.
(أ ف ب)